نظرة على أسماء وألقاب وتاريخ موجز حول ولادة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)
الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) هو الإمام الثاني عشر والأخير للشيعة الاثنى عشرية. والده هو الإمام الحسن العسكري(عليه السلام)، الإمام الحادي عشر للشيعة، ووالدته هي السيدة نرجس خاتون (سلام الله عليها)، والتي لا توجد معلومات تاريخية موثوقة عنها، ولكن يقال إنها من جهة والدها حفيدة قيصر الروم ومن جهة والدتها من أحفاد شمعون، أحد حواريي السيد المسيح (عليه السلام).
إنه يحمل نفس الاسم والكنية للنبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)[1]، وأسماؤه حسب الأحاديث الشيعية هي أحمد، محمد، عبد الله وكنيته أبو القاسم وأبو جعفر. في كتاب «نجم الثاقب» للمحدث النوري تم ذكر 182 اسم ولقب، وفي كتاب «أسماء الإمام المهدي (عليه السلام)» تم ذكر 310 اسم ولقب له، ومن بين هذه الأسماء: إمام الزمان، خليفة الله، الصالح، صاحب الزمان، الحجة، القائم، صاحب الأمر، بقية الله، المنتقم، المنتظر، الحجة بن الحسن، أبو صالح، قائم آل محمد، مهدي آل محمد، الخلف الصالح، حجة الله، ولي الله، ولي العصر، خاتم الأوصياء، خاتم الأئمة والمهدي الموعود، و أشهر ألقابه هو “المهدي”. هذه الألقاب تعبر عن صفاته وفضائله.
المصدر الأكثر شهرة وفقاً لكلام المؤرخين والمحدثين المعتبرين من الشيعة وغير الشيعة حول تاريخ ومكان ولادته هو فجر يوم الجمعة 15 شعبان عام 255 هجري قمري في مدينة سامراء في العراق. كما ذُكرت سنوات أخرى لولادته في بعض الكتب التاريخية والروائية والتي على الأرجح وبالنظر إلى الاضطهاد السائد في الفضاء السياسي والاجتماعي للمجتمع في ذلك الوقت، كان سبب هذه الروايات المختلفة هو إخفاء ولادته.
لقد حدثت ولادته بالتأكيد لأسباب عدة، و أحد هذه الأسباب هو وجود آلاف الروايات عن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة(عليهم السلام) في الكتب الروائية المعتبرة والمعروفة، والتي تشير إلى ولادة ابن من الإمام الحسن العسكري(عليه السلام)، واختفائه عن الأنظار بعد الولادة وكذلك ظهوره وملئه العالم بالعدل والإنصاف. سبب آخر هو رؤيته من قبل جماعات وأفراد مختلفين. وفقاً للمصادر الشيعية، سمع العباسيون تنبؤات النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل البيت (عليهم السلام) حول ولادة ابن للإمام الحسن العسكري(عليه السلام) باسم المهدي، و الذي سيكون خليفة أبيه ومدمر كل ظلم وفساد، وكانوا يبحثون عنه. لهذا السبب كانت ولادته سرية مثل ولادة النبي إبراهيم(عليه السلام) ولم يعلم بها سوى أفراد محددين من أكثر الشيعة وأهل بيت الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) الذين كانوا موضع ثقة.
من الأشخاص الذين تمكنوا من رؤيته هم: محمد بن عثمان العمري، أحمد بن هلال الكرخي، يعقوب بن منقوش، السيدة حكيمة خاتون عمة الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) وخدم بيت الإمام. نظراً للظروف القمعية السائدة، كان الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) يستغل كل فرصة لتقديم الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وبيان إمامته وخلافته لمنع ضلال وانحراف أتباعه.
سنذكر في هذه المقالة بعض الصفات الخاصة بالإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) وبعض الأسباب لغيبته.
صفات خاصة للإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف)
استناداً إلى ما ورد في الروايات عن الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فإنه يتمتع بصفات خاصة، نذكر بعضها على سبيل المثال:
- كانت آثار حمل والدته، وولادته وحياته سرية ومخفية. إنه يشبه في ولادته السرية، النبي إبراهيم(عليه السلام)، ولكن لم يكن لأي من الأئمة الآخرين هذه الصفة.
- الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) هو آخر خلفاء النبي والأئمة(عليهم السلام)، ويدل لقب خاتم الأوصياء وخاتم الأئمة على هذه الصفة الخاصة.
- إنه يشبه كل نبي من الأنبياء العظام في جانب معين؛ كما قال الإمام الحسين(عليه السلام) عنه: «فِي الْقَائِمِ مِنَّا سُنَنٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ سُنَّةٌ مِنْ أَبِينَا آدَمَ ع وَسُنَّةٌ مِنْ نُوحٍ وَسُنَّةٌ مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَسُنَّةٌ مِنْ مُوسَى وَسُنَّةٌ مِنْ عِيسَى وَ سُنَّةٌ مِنْ أَيُّوبَ وَ سُنَّةٌ مِنْ مُحَمَّدٍ ص فَأَمَّا مِنْ آدَمَ وَ نُوحٍ فَطُولُ الْعُمُرِ وَ أَمَّا مِنْ إِبْرَاهِيمَ فَخَفَاءُ الْوِلَادَةِ وَ اعْتِزَالُ النَّاسِ وَ أَمَّا مِنْ مُوسَى فَالْخَوْفُ وَ الْغَيْبَةُ وَ أَمَّا مِنْ عِيسَى فَاخْتِلَافُ النَّاسِ فِيهِ وَ أَمَّا مِنْ أَيُّوبَ فَالْفَرَجُ بَعْدَ الْبَلْوَى وَ أَمَّا مِنْ مُحَمَّدٍ ص فَالْخُرُوجُ بِالسَّيْفِ.»[2]
- إنّ الإمام الحجة(عجل الله تعالى فرجه الشريف) هو وارث الأنبياء العظام. كل الأمور التي نعرفها كمعجزات وميراث الأنبياء العظام، ستكون مع الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) عند ظهوره. يحمل هذا الأمر عدة معانٍ ومفاهيم؛ أحدها أن لديه جميع صفات وخصائص الأنبياء الذين ورثهم، والسبب الآخر يمكن أن يتعلق بدعوته العالمية إلى دين الله، حيث يحتاج الإمام لدعوة أتباع جميع الأديان إلى الدين الإلهي، ولذلك يلزمه ميراث الأنبياء كدليل على حقانيته ولإقامة الحجة. من أحد الأسباب الأخرى يمكن أن تكون أن مع ظهوره تتحقق أهداف جميع الأنبياء.
بعض الأمور التي يحملها الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) والتي ذكرتها الروايات تشمل: تابوت النبي آدم (عليه السلام)[3]، حجر وعصا النبي موسى (عليه السلام)[4]، الطشت الذي كان النبي موسى(عليه السلام) يذبح فيه الأضاحي[5]، التوراة، والإنجيل والكتب السماوية الأخرى [6]، خاتم النبي سليمان (عليه السلام)[7]، وراية ودرع الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)[8]
- للإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) عمر طويل. وفقًا لآيات القرآن الكريم والروايات الشريفة، عاش بعض الناس حياة طويلة، وحدوث مثل هذه الظاهرة مؤيّد في الإسلام، كعمر النبي نوح(عليه السلام) الطويل، وبقاء النبي الخضر والنبي عيسى(عليهم السلام) أحياء هي أمثلة على هذه الظاهرة.
إلى جانب الأدلة المنقولة، توجد تفسيرات عقلية وعلمية أيضاً فيما يتعلق بطول العمر. على سبيل المثال، يمكن الإشارة إلى مجموعة من التجارب التي أجراها فريق من العلماء في معهد روكفلر في نيويورك عام 1912 على أجزاء وأعضاء محددة من النباتات، والحيوانات والبشر. اكتشفوا أنه عندما تتغذى الأعضاء بشكل صحيح وتبتعد عن العوامل الخارجية الضارة مثل الميكروبات، فإنها تستطيع الاستمرار في الحياة بشكل شبه غير محدود ودون ظهور أي علامات تدهور أو شيخوخة.
- وفقاً لعقيدة الشيعة فإن الإمام الحجة(عجل الله تعالى فرجه الشريف) هو الابن الوحيد للإمام الحسن العسكري(عليه السلام).
- تولى الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) مقام الإمامة في عام 260 هجري قمري وفي سن الخامسة، بعد استشهاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام). في هذا السن، كان يحمل جميع العلوم والصفات الإلهية في وجوده. قد يطرح هذا السؤال: كيف يمكن لطفل في هذا العمر أن يتولى قيادة مجموعة؟ للإجابة، يجب النظر في ما إذا كانت ظاهرة القادة الشباب لها سوابق في تاريخ الدين أم لا. يشير استعراض الآيات والروايات والكتب التاريخية إلى قدم هذه الظاهرة. قبل الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، كان كل من النبي عيسى[9]، والنبي يحيی[10] والنبي سليمان (عليهم السلام) قد تولوا مقام النبوة والخلافة في سنين الطفولة.
لإثبات هذه الظاهرة من الناحية العقلية، يمكن الإشارة إلى وجود العباقرة، وهم الأشخاص الذين يمتلكون مهارات استثنائية. هذه الظاهرة تحدث طبيعيًا بين الناس العاديين من مختلف الطبقات الاجتماعية، ومن الممكن علميًا أن يُظهر الطفل قدرات لا يمتلكها البالغون. بالإضافة إلى جميع الأدلة العقلية والنقلية، فإن مشيئة وإرادة الله تلعب دورًا في ذلك أيضا. فالله يفعل ما يشاء، حتى لو بدا ذلك غريبًا ومستحيلًا في نظر البشر.[11]
لماذا الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) غائب؟
غاب الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) عن الأنظار منذ آخر مرة تم رؤيته فيها بسرداب منزل أبيه في سامراء، ومنذ ذلك الحين، دخل في غيبته. يعتقد الشيعة أن الإمام يظل حياً حتى ظهوره، بينما تختلف مذاهب أهل السنة في هذا الشأن. فمنهم من يعتقد بوجود شخص باسم المهدي من نسل النبي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) هو المخلص في آخر الزمان، بينما يرى آخرون أنه سيولد في المستقبل. ويعتقد البعض الآخر، مثل سبط بن جوزي الحنفي ومحمد بن طلحه الشافعي، أن المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) هو ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).
في المجتمع الذي كان يسود في ذلك الزمان، كانت هناك محاولات كثيرة للقضاء على الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، ولهذا السبب فإنه غاب عن الأنظار بإرادة الله. قبل الإمام المهدي، كانت هناك حالات أخرى من غياب الأنبياء، مثل غيبة النبي ابراهیم[12] (عليه السلام)، والنبي موسی[13] (عليه السلام) والنبي عيسی[14] (عليه السلام).
تنقسم فترة غيبة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) إلى مرحلتين نُعرّفهما بإيجاز فيما يلي.
الغيبة الصغرى والغيبة الكبرى
تنقسم فترة غيبة الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) إلى مرحلتين تعرفان بالغيبة الصغرى والغيبة الكبرى. بدأت الغيبة الصغرى في عام 260 هجري قمري واستمرت لمدة 69 عاماً، أي حتى عام 329 هجري قمري. ولكن بعض العلماء مثل الشيخ المفيد والسيد محسن أمين العاملي يعتقدون أن الغيبة الصغرى بدأت منذ ولادة الإمام، حيث كان مخفياً عن عامة الناس منذ السنوات الأولى.
كان عامة الناس محرومين من رؤية الإمام في فترة الغيبة الصغرى، وكانوا يتواصلون معه من خلال أربعة نواب خاصين به عُرفوا بـ “النواب الأربعة”. هؤلاء النواب هم: عثمان بن سعيد العمري، محمد بن عثمان بن سعيد العمري، حسين بن روح النوبختي، وعلي بن محمد السمري. كان هؤلاء الممثلون الخاصون مسؤولين عن تنظيم شبكة وكلاء الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) في مختلف البلدان، وكانوا يقومون بنقل أسئلة ومشاكل الناس إلى الإمام وتوصيل ردوده إليهم. كما أنهم كانوا يقومون محاربة الفرق الضالة مثل الغلاة والمدعين للنيابة، وإزالة الشكوك حول الإمام، مع الحفاظ على سرية اسم ومكان الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف).
مع وفاة النائب الرابع للإمام في عام 329 هجري قمري، بدأت فترة الغيبة الكبرى التي لا تزال مستمرة حتى اليوم. في هذه الفترة، لا توجد هناك إمكانية للاتصال المباشر مع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) لعامة الناس، بل يكون الاتصال غير مباشر ومن خلال العلماء الأتقياء والفقهاء العادلين.
أسباب غيبة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)
لا يعلم أحد سوى الله السبب والحكمة الحقيقية وراء غيبة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، ولكن يمكننا من خلال كلمات الأئمة (عليهم السلام) أن نتوصل إلى بعض الأسباب.
- إرادة الله: إرادة الله مبنية على حكمته اللامتناهية، وحكمة الله تقتضي أن يبقى الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) غائب عن الأنظار.
- الامتحان الإلهي: إن الله قادر على أن يدخل جميع عباده إلى الجنة مباشرةً دون اختبار، ولكنه لا يفعل ذلك لكي يدخل فقط من يستحق الجنة. لقد تم اختبار جميع عباد الله في مختلف الظروف، وإحدى امتحانات الله تعالى هي غيبة الإمام.
إن اختبار الله للناس بغيبة الإمام هو من أصعب الامتحانات، لأن ذلك يؤدي إلى أن الكثيرين يشكون ويرتدون عن عقيدتهم. يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) عن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف): «..وَ لَيَغِيبَنَّ عَنْهُمْ تَمْيِيزاً لِأَهْلِ الضَّلَالَةِ حَتَّى يَقُولَ الْجَاهِلُ مَا لِلَّهِ فِي آلِ مُحَمَّدٍ مِنْ حَاجَةٍ.»[15]
- التحرر من بيعة الظالمين والطغاة: عند النظر إلى سيرة أهل البيت (عليهم السلام) على مر التاريخ يظهر أن هؤلاء العظماء كانوا في بعض الأحيان مجبرين على مبايعة حكام وطغاة زمانهم من باب التقية، ولكن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ليس مجبرا على هذا القيد، وغيابه يساعد في تحقيق هذا الهدف.
- الخوف من الأعداء وحفظ حياة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف): من المنطقي أن يحافظ لكل إنسان على حياته في جميع الظروف، ولا ينبغي أن يخاطر بها إلا في الحالات المشروعة والمعقولة. الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) باعتباره إنسانًا كاملًا وصاحب عقل سليم، فإن الحفاظ على حياته الثمينة يُعتبر واجبًا عليه إلى أن تتهيأ الظروف لإقامة الحضارة الإلهية الحديثة. لقد سعى جميع الطغاة في كل عصر وزمان للقضاء على الإمام، والغيبة هي إحدى الطرق لحفظ حياته.
- عدم استعداد العالم: لم يكن الناس عبر التاريخ مستعدين لاستقبال الأنبياء والأئمة وقاموا بقتلهم واحدًا تلو الآخر. ثلاثة عشر إمامًا معصومًا قتلوا بسبب جهل الناس وعدم وعيهم. لذلك فقد أخفى الله آخر معصوم له و جعله مستترا على الناس إلى أن يدركوا بأنفسهم حاجتهم الماسة إلى إمام يحكمهم، لأنهم لا يستطيعون حل مشاكلهم بأنفسهم.
سوف يظهر الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) بعد ظهور مختلف الأيديولوجيات والمذاهب والحكومات، ويكتشف الناس عدم قدرتها على حل مشكلاتهم. عندها سيُدركون أنه لا يوجد هناك حل سوى ظهور الإمام، وفي هذه الظروف سوف يقبلون بسهولة. بعبارة أخرى، إن أحد شروط ظهور الإمام هو ارتفاع مستوى الفهم والعقل والاستعداد الفكري للناس، و ثقافة تشهد على عدم فعالية جميع الأنظمة الحاكمة في العالم، وإدراك حاجة العالم إلى منقذ وإنسان كامل.
الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) بحاجة إلى 313 جنديًا مخلصًا ومؤمنًا ذا علم وحكمة رفيعين، بالإضافة إلى آلاف الجنود المؤمنين والمتخصصين لشغل المناصب من الدرجة الثانية لظهوره. هذا العدد من القوات غير جاهز بعد ويجب أن يتحضر من خلال التزكية الذاتية والجهد. طالما لم نخلق في أنفسنا الاستعداد اللازم لتشكيل جيش آخر الزمان، ستستمر الغيبة ولن يحدث الظهور.
- الضعف وعدم تعاون الناس: إن الله لا يغير مصير أي قوم حتى يغيروا أنفسهم [16] . طالما بقينا نحن كشعوب العالم في غفلة وجهل، ولم نرَ ضرورة لتغيير الوضع المزري للعالم، ستستمر غيبة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف). إذا لم تكن لدينا أي مشكلة في القضاء على الظلم، فلا ينبغي أن نتوقع أن يحدث هذا التغيير تلقائيًا. لتغيير مسار العالم نحو الطهارة والعدالة، يجب أن نتكاتف جميعًا. كما حدد الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) شروط ظهوره بالتعاطف والولاء من قبل الناس.[17]
أحد الأمور التي لا يمكن للجماعات غير الشيعية قبولها، هي الجمع بين قضية ضرورة وجود الإمام ومسألة الغيبة، إذ أنهم يقولون إذا كان الشيعة يرون وجود إمام ضروريًا أحكام الدين وحقائقه وهداية الناس، فإن الغيبة تعدّ نفيًا لهذا الهدف.
ولكن النقطة المهمة هنا هي أن واجب الإمام لا يقتصر فقط على تبيين العلوم الدينية وإرشاد الناس ظاهريًا. الإمام، بالإضافة إلى الهداية الظاهرية، يحمل أيضًا مسؤولية الولاية والهداية الباطنية للناس. إن وجود الإمام الجسدي أو غيابه ليس له تأثير في هذا الشأن. الإمام هو ممثل الله على الأرض والوسيط بين السماء والأرض، ووجوده ضروري دائمًا، حتى ولو لم يحن وقت ظهوره الظاهري بعد.
نحن البشر، بالإضافة إلى حياتنا الفردية، لدينا حياة اجتماعية أيضًا. وبما أننا نعيش في هذه الدنيا، فإننا نتعرض لتزاحم المصالح، وندرة الموارد والإمكانات والخلافات. لذلك فإننا بحاجة دائمة إلى حكومة وإدارة تمنع الأفراد من التورط في نزاعات وخلافات وفتن وفساد، حكومة لا تدير الأفراد بصورة مستقلة فحسب، بل تحكم على المجتمع العالمي بأكمله حتى يتم تنشئة الجميع كـ”إنسان”. إن ضرورة وجود مثل هذه الحكومة هي بالحقيقة ضرورة وجود الإمام.
[1] الْمَهْدِیُّ مِنْ وُلْدِی اسْمُهُ اسْمِی وَ کُنْیَتُهُ کُنْیَتِی؛ بحارالأنوار، ج 36، ص 309
[2] كمال الدين و تمام النعمة، ج 1، ص 322
[3] و تابوت آدم في بحيرة طبرية ولن يبليا ولن يتغيرا حتى يخرجها القائم إذا قام؛ بحارالأنوار، ج 52، ص 351
[4] وَ إِنَّ عِنْدِي أَلْوَاحَ مُوسَى وَ عَصَاهُ؛ الکافی، ج 1، ص 233
[5] وَ إِنَّ عِنْدِي الطَّسْتَ الَّذِي كَانَ مُوسَى يُقَرِّبُ بِهِ الْقُرْبَانَ؛ الکافی، ج 1، ص 233
[6] و يستخرج التوراة وسائر كتب الله عزوجل؛ بحارالأنوار، ج 52، ص 351
[7] وَ إِنَّ عِنْدِي لَخَاتَمَ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ؛ الکافی، ج 1، ص 233
[8] وَ إِنَّ عِنْدِي لَرَايَةَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ دِرْعَهُ؛ الکافی، ج 1، ص 233
[9] فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا؛ سورة مریم، الآیات 29 و 30
[10] يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا؛ سورة مریم، الآية 12
[11] وَ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ؛ سورة البقرة، الآية 117
[12] وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىٰ أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا، فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا؛ سورة مریم، الآیات 48 و 49
[13] فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ؛ سورة قصص، الآیات 21 و 22
[14] وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا؛ سورة النساء، الآية 157
[15]النعماني، محمد بن ابراهیم، الغیبة، ص ۱۴۱
[16] إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ؛ سورة رعد، الآية 11
[17] وَ لَوْ اَنَّ اشْیاعَنا وَفَّقَهُمُ اللّهُ لِطاعَتِهِ عَلَی اجْتِماع مِنَ الْقُلُوبِ فِی الْوَفاءِ بِالْعَهْدِ عَلَیْهِمْ لَما تَاَخَّرَ عَنْهُمُ الْیُمْنَ بِلِقائِنا، وَ لَتَعَجَّلَتْ لَهُمُ السَّعادَةُ بِمُشاهَدَتِنا عَلی حَقِّ الْمَعْرِفَةِ وَصِدْقِها مِنْهُمْ بِنا، فَما یَحْبِسُنا عَنْهُمْ اِلاّ ما یَتَّصِلُ بِنا مِمّا نَکْرَهُهُ وَلا نُؤْثِرُهُ مِنْهُمْ؛ مجلسی، محمدباقر، بحارالأنوار، ج ۵۳، ص ۱۷۷