تُعد الحركة نحو المستقبل والرغبة في الحضور والتأثير الإيجابي في المستقبل من أقدم التوجهات للإنسان، والتي يمكن رؤية جذورها في الرغبة في اللانهائية ورغبة الإنسان في الخلود. يهتم الإنسان بمعرفة ما ينتظره في المستقبل، ويرغب في أن يكون له دور ومساهمة في هذا المستقبل. إن المستقبل المشترك للأديان الذي تم رسمه للبشرية هو مستقبل مليء بالأمل والنور والجمال، والوصول إليه يعادل الوصول إلى منبع الخير والجمال. مستقبل سيحرر الإنسان في النهاية من فخ المعاناة وينقذه من الحيرة والضلال. إن تحقيق المستقبل المشترك للأديان يعتمد أولاً على فهم المستقبل المشترك وفهم سبب الرغبة في الحضور في المستقبل، وهو ميل فطري.
كيف يمكن تحقيق المستقبل المشترك والمشرق الذي رسمته جميع الأديان للإنسان؟ متى سيتحرر العالم من المعاناة ويصل إلى النور والسلام؟ كيف يمكن للإنسان أن يؤدي دوره في تحقيق المستقبل ويصبح فردًا مؤثرًا في سبيل تحقيقه؟
ترتبط طريقة إجابتنا على جميع هذه الأسئلة ارتباطًا وثيقًا بمدى رؤيتنا وتعريفنا للمستقبل الموعود؛ إذا قمنا بتعريف المستقبل بناءً على أيام حياتنا الأرضية فقط، فلن نكون قادرين إلا على الإبداع في هذه المساحة الضيقة، و ستقتصر أعمارنا ومواهبنا وقدراتنا الوجودية على هذه الفترة القصيرة من الولادة إلى الموت. أما إذا كنا نرغب في أن نلعب دوراً أساسياً في تحقيق المستقبل الموعود للعالم، فعلينا أولاً أن نكتسب رؤية واضحة للمستقبل وأن نعيد تعريف هذا المفهوم الذي طالما كان غريبًا.
تحليل موضوع الرؤية المستقبلية في حياة الإنسان ومستقبل مشترك للعالم
«وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ؛ (الانبیاء، ۱۰۵ و۱۰۶)
«وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ؛ (القصص، ۵)
(القرآن الکریم)
القرآن الكريم هو كلام الله تعالى وكتابه المنزل على رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بواسطة جبريل عليه السلام ليكون هدايةً وبصيرةً للبشرية جمعاء. يُعدّ القرآن الكريم معجزةً خالدةً ونبياً ناطقاً، فهو آخر الكتب السماوية. يُؤكّد القرآن الكريم على إعجازه، حيث يتحدى الله سبحانه الإنس والجن جمعاء أن يأتوا بآية واحدة من مثل القرآن الكريم ولم يقدروا على ذلك. بدأ نزول القرآن الكريم على نبيّنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في غار حراء، الواقع في جبل النور واستمر تنزيله على فتراتٍ متقطّعةٍ على مدار 23 عاماً، وذلك تلبيةً لمقتضيات الحال ومناسبات الأحداث. للقرآن الكريم العديد من الأسماء، أشهرها:
• القرآن الكريم: وهو الاسم الأكثر شيوعاً، ويدلّ على جمعه وترتيبه.
• الفرقان: ويدلّ على فرقه بين الحقّ والباطل، والهدى والضلال.
• الكتاب: ويدلّ على كونه كلام الله تعالى المُنزل على نبيّه محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
• المصحف: ويدلّ على جمعه في مصحف واحد.
ينقسم القرآن الكريم إلى 114 سورةً، و 6236 آيةً، و 30 جزءاً، و 120 حزبًا ویتناول شتّى الموضوعات، منها:
• التوحيد: وهو أساس العقيدة الإسلامية، والإيمان بالله تعالى کخالق ومدبّر للكون.
• المعاد: وهو الإيمان بالحياة الآخرة، والجزاء والحساب.
• قصص الأنبياء: وعبرهم يتعلّم المسلمون الصبر والمثابرة والعدل.
• الأحكام الشرعية: وهي القواعد التي تُنظّم حياة المسلم في جميع جوانبها.
• الفضائل والأخلاق: وهي القيم النبيلة التي تُزكّي النفس وتُنمّي الفضيلة.
• مقاومة الشرّ والكفر والنفاق ونشر الإسلام والدعوة إلى الله تعالى.
سنناقش في هذا الموقع موضوع الإمام المهدي عليه السلام ومستقبل العالم المشترك من منظور القرآن الكريم والكتب السماوية في الأديان الأخرى. يستند المحتوى والمفاهيم المقدمة في الموقع إلى كتب تاريخية موثوقة عالميًا، وإلى مصادر رئيسية في الأديان السماوية، خاصةً المصادر الشيعية.