يبشر القرآن الكريم بأن زمن ظهور المنجي والمستقبل الموعود سيأتي عندما يزداد عدد أنصار الحق بشكل كبير، وفي هذا السياق يقول في سورة الجن، الآية 24: “حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا”.
ومن الأمثلة على ذلك ما حدث خلال “طوفان الأقصى”، حيث لم يتوقع أحد أن تكون هذه الحادثة، التي قامت بها مجموعة صغيرة، قادرة على أن يتحد العالم بأسره ضد المستكبرين والظالمين وحكام الأرض؛ حتى أن اليهود في أمريكا داخل البيت الأبيض رفعوا شعارات لصالح فلسطين وضد إسرائيل. صحيح أن الأقلية الصغيرة التي تقاوم في غزة أو فلسطين هي من تقوم بالنضال، ولكن عشرات الملايين من الناس بمختلف الأديان والمعتقدات في جميع أنحاء العالم خرجوا في مسيرات دعماً لهم؛ وعلى العكس، أنصار الباطل والاستكبار قلة قليلة. لم يُرَ حتى الآن في أي مكان في العالم، أن يجتمع اشخاص لدعم الاستكبار مثل تلك الأعداد التي تجمعت في فرنسا، لندن، الولايات المتحدة، باكستان، تركيا، الهند، أو إيران، لدعم فلسطين.
قال الإمام الكاظم(عليه السلام) في شأن هذه الآية: المقصود هو زمن ظهور القائم (عليه السلام) وأصحابه الذين سيزداد عددهم بشكل كبير. إذا أردنا فهم هذه الآية بشكل أفضل، فإن الأربعين هو مثال جيد. في الأربعين، لم يكن أحد يتصور أنه في مكان صغير ومحدود في بلد مزقته الحروب، سيجتمع عشرات الملايين من الناس من أكثر من مئة دولة حول العالم، من جميع الأديان السماوية وغير السماوية، وكل منهم يمثل مئات الملايين من البشر، حول محور واحد وهو إمام، أي إنسان كامل. يعلن الأربعين عن حدث مهم، حيث أن شخصاً من أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو الإمام الحسين (عليه السلام) الذي استشهد وغادر الدنيا، لديه الجاذبية والقدرة على جمع عشرات الملايين من الناس حوله.
تحدث في أجواء الأربعين أحداث هامة، حيث تتجلى أسمى مظاهر المحبة، والخدمة، والعشق، والوحدة، والسلام خلال تلك الأسبوعين بطريقة لا يمكن العثور عليها في أي مكان آخر على وجه الأرض. أثبتت حادثة طوفان الأقصى أن الأربعين يمكن أن تتحقق على نطاق أوسع عالميًا. ثقافة الأربعين هي ثقافة قابلة للانتشار والنقل والتصدير، وقد انتقلت هذه الثقافة بالفعل؛ بمعنى أنه إذا كانت هناك إمكانية للتجمع الشامل في العالم، فسوف نرى أن غالبية الناس متآلفون ويسعون إلى القضاء على الاستكبار والظلم. تجري أحداث مهمة في العالم ولا يمكن إيقاف هذه الحركة أو التراجع عنها؛ مثل الأربعين التي كانت أكثر الأخبار رقابة في العالم، ولكن لم يستطع أحد منع تزايد حضور الناس.