الرسالة الرابعة
یا أهل العالم! الثقافة التي تحكم العالم اليوم هي تنظر إلی الإنسان نظرة خسیسة حیوانیة. الحضارة الحالية هي حضارة الإستغلال و النهب؛ حضارة الأنانية و الغطرسة؛ حضارة الحرب و سفك الدماء؛ حضارة الظلم و الفساد؛ حضارة الرعب و القلق؛ حضارة الفقر و الجوع؛ حضارة الحزن و الظلام؛ حضارة الوهم و العبثية و حضارة البطالة و التشرد. لقد وصلت هذه الحضارة إلى نهایتها و ستدمر قريباً من الداخل.
إن السبب في إنهیار الحضارة الحالية هو إدبارنا عن الأجزاء الرئيسية و الأصلية من الوجود الإنساني. إنها قد ترکت الأجزاء العقلية و الروحية فهذا أدت إلی كل هذه النتائج.
لقد قلّلت الحضارة الحاكمة علی العالم من رغبات البشر الطیبة إلی احتياجات حيوانیة مثل إختيار الزوج و تکوین الأسرة و العمل و الترفيه و السكن و ما شابه ذلك. و هي غير قادرة على إعطاء الحد الأدنی من حقوق الناس. بل تتمتع قلة قليلة منهم على وجه الأرض برفاهية مطلوبة لائقة.
لقد أهدرت الحضارة الحالية كل حياة الإنسان و مواهبه الرئيسية الأبدية و سجنته في سجن الملذات و الإحتياجات المادية الحيوانية.
تعيق الحضارة الحالية نمو الإنسان في أبعاده العقلية و الإلهية.
قد أبعدت هذه الحضارة الخشنة الوحشية الإنسان عن حقيقته السماوية و روحه الأبدية الإلهية و یریده لأغراض إستغلالية و إنتهازیة.
يحارب قادة الحضارة الحالية بشراسة ضد أي دعوة تتابع حقوقها المعنوية القيمة السماوية بالإضافة إلی رفاهية البشر المادية و الدنيوية.
لقد أریقت دماء طیبة لمئات الآلاف من الأحرار و الإنسانیین الذين یسعون إلی العدل و الحریات الإنسانیة الإلهیة بالإضافة إلی الحقوق المادیة الدنیویة، بأیدي حکام فسقة و الطغاة الذین یقودن هذه الحضارة الوقحة.
لقد تم سجن عشرات الآلاف من هؤلاء الأحرار اللطفاء الذين يعشقون الإنسانية و جميع جوانب الوجود الإنساني في سجون رهيبة لحكومات غير إنسانية.
لم يخش الأنبياء و القادة الإلهيون، و كذلك كبار قادة الحرية و العدالة في جميع أنحاء العالم، قادةَ الظلم و الفساد فيه.
إنهم قاوموا بوحدهم أو مع عدد قليل من أنصارهم أمام الظالمين بشجاعة و حب للحقيقة و للبشر، و كذلك بإيمان بالقيم الكامنة الأبدية له فنجحوا في العديد من المعارک على الرغم من ضعفهم و نواقصهم أمام أعداء الإنسانية.
لن ینبغي لنا أن نخاف من الطغاة بأي شكل من الأشكال. بل يجب أن نقف أمامهم حبا للعدالة و الحرية الحقيقية، و من أجل مليارات المظلومین على وجه المعمورة و نمهد الأرضیة لظهور منقذ البشریة و إبادة کاملة للظالمین بعون الله القادر الرحیم.
لقد بشر الله الرحيم و المحبوب لکل إنسان في جمیع الکتب السماویة بمستقبل مشرق و جمیل یصاحبه السلام و الهدوء و کذلک رفاهیة مادیة و معنویة لکل البشر لا توصف أبدا.
و لكن بما أنه منح جميع البشر حرية لإختيار مستقبلهم و سلوک حياتهم، فقد طلب منا أولا أن نسعى إلى هذا المستقبل الجميل بإختیار و حرية إلهية ثم نجتهد للحصول عليه حتى يمكنه من مساعدتنا و یهدي هذا المستقبل المشرق لجميع البشر. و بعبارة أخرى، تنتظر مساعدة الله جهودنا و تعاطفنا و نهوضنا.
أين الذي سيحوّل الأرض إلى جنة لآلاف سنين؟
أين الذي سیتوفر العلوم الإلهية في جميع مجالات حیاة الإنسان؟
أين الذي یُعرف الإنسان و عظمته و سر خلقته بیمن ظهوره؟
أين الذي ستبدأ حياة الإنسان الحقيقية على الأرض بیُمنه؟
أين الذي ستنتهي مدة حکم الشیطان و أتباعه الظلمة الأنانیین بیُمنه و سیبدأ حکم أفضل عباد الله و أطیبهم و أرحمهم و أعلمهم؟
أين الذي یتطهر الناس و یکبرون بیُمن مجیئه بحیث یکرهون الآثام و الفسوق و الظلم و یتخلصون من الوساوس؟
أين الذي ینقذ کائنات البحار و الغابات و الحيوانات التي قد أسرت في المدن من خلال ظلم البشر و عنفه و أنانيته؟
یا مُفرح العباد! و يا خير الکرام! و یا أفضل المناصرین! و يا أفضل الرزاقین! و یا مجيد و یا جمیل!
یا سید الکون! و يا من یحتقر كل شيء و شخص أمام قوته و عظمته! يا من بنیت السموات و الأرض بأمره، و یا من هدأت الأرض بإرادته و رحمته!
يا إلهي! أنت غایة آمال العباد و تزیل کل همّ و غمّ. أنت الرجاء الوحيد عند البأساء و أحسن مونس عند الوحشة و أنت أرحم الأصدقاء عند الغربة. أنت الصریخ عند الکربة و الدليل عند الحیرة و الغنی عند الفقر و الملاذ الآمن عند البؤس.
یا أيها الحبيب! أنت عالم خفیاتنا و ستار عیوبنا و منیر قلوبنا. أنت مالك کل شیء و خالقه، أنت أعلی من كل شيء، و عالمه و القادر علیه.
يا إلهنا الرحيم! و یا سیدنا! أنت داعم من لا داعم له و عماد من لا عماد له
أنت ملجأ من لا ملجأ له و صریخ من لا صریخ له و أنت مونس من لا مونس له.
من یسألک الهدایة فترشده و من یسألک الحفظ و النصرة فتساعده و تحفظه.
لا نفاد لملکک و قدرتک. إن لطفک و رحمتک دائمان و لا یوفی أحد بعهده مثلک.
لقد عهدت و وعدت أن تجیب دعوة مَن مِن عبادک یقطع رجاءه من الناس و من الأسباب الدنیویة و یدعوک بقلب منکسر بعد توبة حقیقیة.
أنت أحبّ حبیب و أوفی صدیق و خیر من نؤانسه و نلجأ إلیه.
أنت تسمع کل دعوة و عویل، و تنقذ الجميع من الغرق، و تنقذنا من الهلاک أیضا، و تشفي مرضانا. أنت الذي تضحك و تبكي، و تحیي و تمیت.