Search
Close this search box.
  1. بيت
  2. دور كل منّا في ظهور الموعود
  3. الرحمانية أم الانتقام: أيّهما يُمثّل مسار الوصول إلى الكمال الإنساني في الحضارة الحديثة؟

الرحمانية أم الانتقام: أيّهما يُمثّل مسار الوصول إلى الكمال الإنساني في الحضارة الحديثة؟

الرحمانية أم الانتقام؛ هل يجرنا اختيار الرحمانية إلى الانتقام؟

هل واجهتَ يومًا موقفًا اضطررت فيه إلى الاختيار بين الرحمة والانتقام؟ هل هذان المفهومان متنافيان أم متكاملان؟ من أين تنبع رحمة الله التي نسعى إليها؟ أين تكمن مكانة الانتقام في نظرتنا؟ هل نرى كما هو شائع في المجتمع، أنّ الانتقام ناتج عن نقص الرحمة؟ إذا كان هدفنا هو التشبه بالله الرحمن الرحيم، فما هو مكان الانتقام في حياتنا؟

يُعدّ الانتقام، مثل العديد من المفاهيم الأخرى، مفهومًا ذا أبعاد متعددة. فمن ناحية، يُشير المفهوم الشائع إلى العمل الانتقامي، الذي ينبع من الغضب والاستياء، ويُعدّ سلوكًا غير مرغوب فيه. إننا على دراية كبيرة بهذا المعنى من الانتقام، ونعتبره عكسًا للصفح والرحمة، ونسعى جاهدين لمنع الآخرين من الانتقام، ونشعر بالرضا والارتياح الداخلي تجاه تصرفاتنا، معتقدين أنّنا اخترنا الخيار الصحيح بين الرحمة والانتقام.

ولكن لا يُعدّ الانتقام دائمًا دافعًا من دوافع الحقد والغضب؛ على الرغم من أنّ هذا المفهوم يُحمل عادةً دلالة سلبية في عرفنا الاجتماعي. ففي بعض الأحيان، يشير غياب روح الانتقام إلى قلة العاطفة. في الواقع، توجد علاقة منطقية وعقلانية بين الانتقام والرحمانية والرحيمية. فإذا ترسخت الرحمانية والرحيمية في وجودنا، سنصبح حساسين لسعادتنا وسعادة الآخرين بقدر ما توجد هذه الرحمة، وبالتالي ستتكون فينا روح الانتقام لا محالة. لا يرتبط هذا النوع من الانتقام بالحقد والعنف، بل هو انتقام مقدس. وسنتناول في هذا المقال كيف تتشكل هذه العملية، وما نوع الانتقام الذي نرغبه نتيجة للرحمانية والرحيمية. لفهم هذه العملية، نحتاج أولاً إلى فهم صحيح لنقطة انطلاقها، وهي الرحمانية. لأنّ فهم علاقة الانتقام بالرحمانية غير ممكن دون فهم مكانة الرحمانية في الخلق والعلاقة التي تربطنا بصفة الرحمن.

 

الرحمانية و حاجتنا إلى رحمة الله الواسعة

كما ذكرنا سابقًا، فإنّ الرحمن من صفات الله تعالى، لكنه يختلف قليلاً عن باقي أسمائه، فهو معادل الاسم الأعظم “الله” ويُعدّ أساسًا لباقي أسماء الله وصفاته. لذلك، فإنّ التشبه بالله يتم بشكل أسرع من خلال اسم الرحمن، فكلما زادت رحمتنا، زاد تشبهنا بالله، وزادت قدرتنا على تلقي أسمائه وصفاته. في الواقع، إنّ اسم الرحمن عظيمٌ جدًا لدرجة أنه يشمل جميع مراحل الخلق، حيث ينسب الله تعالى في القرآن الكريم خَلق كل شيء إلى الرحمن. يُعدّ “المثل أعلى” أو “المتخصص المعصوم” تجليًا لرحمة الله تعالى في أوجها، فهو رحمة الله الواسعة. وهذا يعني أنّه:

  • مصدر كل الخيرات وواسطة الفيض: أي أنّ كل رحمة تنزل من الله تعالى تنزل عليه أولاً، ثم تصل إلى بقية المخلوقات من خلاله.
  • مُغيثنا وملجأنا: لذلك يجب علينا أن نختار نمط حياتنا بحيث نكون تحت رحمته.
  • مدبر قدراتنا، فلنختر به أفضل من القدرات للوصول إلى أفضل النتائج الممكنة.
  • ضامن سعادتنا في الدنيا والآخرة ومنظم علاقتنا برغباتنا الجمادية والنباتية والحيوانية والعقلية وماوراء العقلية.
  • مُزهر لمواهبنا فی الجانب الإنساني، ومُرشدنا إلى هدف خلقتنا ومکانتنا كخلفاء الله على الأرض.

 

يُمثل الإمام للإنسان الحقيقي، الرحمة الواسعة، ومرآة تعكس جميع صفات الله تعالى، ونرتبط به من جهتين:

الأولى: قدوة ومظهر لجميع أسماء الله وصفاته، فالتشبه به أقصر وأفضل طريق لنمونا وتشبهنا بالله.

الثانية: مرشد متخصص يُرشدنا إلى مسار تحقيق هذا التشبه والوصول إلى هدف الخلق، ويسعى جاهداً ليوصلنا إلى مقامه الرفيع، وهو مقام الخلافة الإلهية.

سبق وذكرنا في مقالات أخرى أن هدف جميع الأنبياء والمعصومين(عليهم السلام) هو تأسيس الحكومة الإسلامية وبناء المجتمع الإسلامي لإيصالنا إلى هدف خلقتنا، وهو التشبه بالله. لا يمكننا الوصول إلى الكمال المطلق واللانهائي، وتحقيق ازدهار بعدنا الإنساني ذي الطبيعة اللانهائية بمفردنا، وذلك بسبب عدم قدرتنا على الوصول إلى المعلومات المتخصصة التي نحتاجها. في الواقع، خلقنا الله للنمو والتشبه به، ولكن نظرًا لأن عقلنا محدود في قدرته على اكتساب المعلومات المتخصصة اللازمة حول أبعاد وجود الإنسان، ومراحل حياته الثلاث، وعلاقاته مع المخلوقات الأخرى، فإننا لا نملك القدرة على سلوك هذا الطريق بمفردنا، ونحتاج إلى مرشد. إنّ الله تعالى من رحمته وتدبيره، خلق كتاب القانون، وخلق مربيًا وقدوةً لتنفيذ هذا الكتاب قبل أن يقوم بخلقنا. ولم يقتصر الأمر على تجلي جميع أسمائه وصفاته في هذا المربي، بل جعله مظهرًا لرحمته ومحبته الكاملة. الإمام هو رحمة الله الواسعة وواسطة فيض الله، أي أن الخير ومصدر الخير بيده. وبما أنه المثل الأعلى، تنزل عليه رحمة الله كاملة في المقام الأول. في الحقيقة، عدم وجود الإمام يعني حرماننا نحن وبقية البشر من الوصول إلى الرحمة الواسعة، وخسارة للبشرية.

 

يتطلّب الإنتقام دافعًا

إننّا نتشبّه بالله وخليفته، بمقدار رحمانيتنا ورحيميتنا ومحبتنا، وبمقدار سعة رحمانيتنا ورحيميتنا، نتحمل مسؤولية سعادة أنفسنا وأقربائنا بل بشر الأرض كلهم. فمن الطبيعي لمن أدرك أهمية معرفة النفس و غاية كمال الإنسان وقدراته الكامنة أن يكون من الصعب عليه أن يرى البشر يحصرون أنفسهم في كمالات دنيوية عابرة و ضعيفة بدلا من الرقي إلى أسماء الله و صفاته و التشبه به و بخليفته، حتى ينحدروا بانفسهم إلى مستوى الحيوان و النبات وحتى الجماد أحيانا. و مثل ذلك كما يكون من المعلم الذي يدرك قدرات تلاميذه و ذكاءهم و مواهبهم أن يكون من الصعب عليه أن يراهم لا يبالون بهذه الرأسمال و يضيعون مواهبهم و قدراتهم.

استحقاق الإنسان بحسب كونه أهم موجود خلقة الله هي التشبه بالله و الوصول إلى مقام خلافته و قد أمن الله تعالى برحمته و تدبيره أرضية وجود الراهن و المقتدى به الذي هو لازم لوصول الإنسان إلى هذا المقام حتى قبل خلقه. ففي الحقيقة، إنّ الإمام هو رحمة واسعة و غيابه هو أصل كل التخلف والعجز والعنف و الهزائم التي يعاني منها البشر و هو الوحيد الذي يدرك قدر الإنسان و مكانته الحقيقية و يتصف بالرحمة نحو نفسه و نحو البشر الآخرين. هو الذي يدرك هذا الخسران و بدلا من الاختيار بين الرحمانية و الانتقام يسعى لأخذ الانتقام من أجل حذف الإمام.

الإنسان كائنٌ فريدٌ يتميز عن باقي المخلوقات بامتلاكه بُعدًا فطريًا أو ماوراء عقليًا. فمع ما أحرزه الإنسان من تقدمٍ ووصوله إلى أعلى درجات الكمال في المراتب الجمادية والنباتية والحيوانية، بل وحتى العقلية، إلا أنه يبقى محرومًا من الكمال الوجودي المنشود ما لم ينمّ مواهبه الإنسانية الكامنة.

الإمام هو الوحيد الذي يمتلك القدرة والكفاءة اللازمتين لقيادة الإنسان نحو كماله الإنساني وتحقيق الغاية المرجوة من خلقه. إلا أننا، ونظراً لحاجتنا الماسة إليه لتحقيق سعادتنا الدنيوية والأخروية، نفتقر إلى وجوده.

 

أنواع الإنتقام

من خلال ما سبق بيّنّا أنّ الانتقام من غياب الإمام و إزالة المتخصص المعصوم ليس له أصل سلبيّ، بل هو نتاج رحمانيتنا و رحيميتنا. فرحمانيتنا أو انتقامنا لا يتناقضان، بل إنّ وجود روح الانتقام ناتج عن الرحمانية. في الواقع، الرحمانية التي لا تحمل روح الانتقام معها ليست رحمانية حقيقية ولا تهدف إلى سعادتنا و راحة بالنا الدائمة.

أفضل تقسيم لأنواع الانتقام مذكور في زيارة عاشوراء. يشير الله تعالى في زيارة عاشوراء، التي تُعدّ بمثابة ميثاق للحياة الفردية الساعية إلى بلوغ الحياة الإنسانية، إلى نوعين من الانتقام: الانتقام الشخصي(ثاري) وانتقام الإمام الحسين(عليه السلام)(ثارك). ولكن هذا الانتقام لا يعني الانتقام الجسدي، لأنّ انتقام الإمام قد تمّ بيد المختار. نسعى نحن إلى الانتقام من المصيبة العظمى التي حلّت بنا، ونحن بلا أخصائيّ أو مرشد. في الواقع، إنّ أهمية فقدان المعصوم خطيرة للغاية بالنسبة لنا، لدرجة أنّ المعصومين كانوا على استعداد لتحمّل المصيبة العظيمة، أيّ المعاناة والعذاب والبلاء، لكي لا يصاب المجتمع بمصيبة عظمى وهي فقدان المعصوم. لذلك، فنحن نسعى ليس فقط إلى الانتقام لأنفسنا، بل نريد الانتقام لجميع الأشخاص الذين حرموا من بلوغ الكمال والإنسانية بسبب سيطرة الطغاة وانعدام وجود المعصوم. بمعنى آخر، يمكننا القول إنّ الانتقام بالنسبة لنا هو قتل الطاغوت والسعي لإعادة المعصوم المتخصص. في مثل هذه الحالة، لا نرى أنفسنا في موقف الاختيار بين الرحمانية والانتقام، بل نرى أنّ الانتقام هو نتيجة الشعور بالرحمة والرأفة تجاه مصير وحياة البشر.

المتخصص المعصوم هو من يضمن لنا سعادة الدنيا والآخرة. والحرمان منه يُؤدّي إلى مواجهة الصعوبات والمشكلات والأمراض في مختلف جوانب وجودنا في الدنيا، وعدم الوصول إلى الدولة الكريمة التي تليق بمكانة وموقعنا الإنساني، بل ومواجهة مشكلة في حياة الأبدية في عالم الآخرة المعقد والواسع.

في الواقع، كلما زاد مقدار معرفتنا بأنفسنا والمكانة التي خصصت لنا، كلما أدركنا بوضوح أكبر حالتنا المزرية في غياب الإمام، وشعرنا بمسؤولية أكبر تجاه مصيرنا ومستقبلنا ومستقبل الآخرين. أي أننا نصل إلى الرحمة ونصبح قادرين على تحمل مسؤوليات أكبر لتغيير مصير البشرية وتشكيل دولة كريمة تؤدي إلى سعادتهم الحقيقية. إننا نسعى للانتقام من غياب المعصوم، لأننا نرى أن بقاء الناس في حدود الكمالات الجمادية والنباتية والحيوانية وعدم بلوغهم النضج الإنساني هو نتيجة مباشرة لإلغاء المتخصص المعصوم. هؤلاء هم الأشخاص الذين فقدوا فرصة ازدهار مواهبهم الإنسانية بسبب عدم وجود مرشد، ودخلوا عالم الآخرة المعقد والأبدي دون معرفة أي شيء، مولودين بشكل غير سليم.

 

تناولت هذه المقالة مسار تحولنا من الرحمانية إلى الانتقام، وتوضح أن الرحمانية والانتقام لا يتعارضان بل يتكاملان. في الواقع، لا نواجه خيارًا بين الرحمانیة والانتقام، بل مع ازدياد رحمتنا وتشبهنا بالله، تتكوّن فينا روح الانتقام بشكلٍ طبيعيٍّ، ونسعى جاهدين لاسترداد المعصوم. لإنّنا نُؤمن بأنّ غياب المتخصص المعصوم هو سبب عدم ازدهار مواهبنا الإنسانية وعدم بلوغنا النّضج الإنسانيّ.

المشارکة

هذا هو عنوانه

۲۲ مرداد ۱۴۰۳

لورم ايبسوم مادة تعليمية بسيطة لتوليد مفهوم ايبسوم صنع لورم ايبسوم هو مفهوم تعليمي بسيط لتوليد ابسوم لورم صنعت شاب إن مادة لورم ايبسوم التعليمية مع إنشاء مفهوم بسيط للصناعة هي مادة لورم ايبسوم.

الرد

ميبسندم

لا يوجد اسم

هذا هو عنوانه

۲۲ مرداد ۱۴۰۳

لورم ايبسوم مادة تعليمية بسيطة لتوليد مفهوم ايبسوم صنع لورم ايبسوم هو مفهوم تعليمي بسيط لتوليد ابسوم لورم صنعت شاب إن مادة لورم ايبسوم التعليمية مع إنشاء مفهوم بسيط للصناعة هي مادة لورم ايبسوم.

الرد

ميبسندم

لا يوجد اسم

هذا هو عنوانه

۲۲ مرداد ۱۴۰۳

لورم ايبسوم مادة تعليمية بسيطة لتوليد مفهوم ايبسوم صنع لورم ايبسوم هو مفهوم تعليمي بسيط لتوليد ابسوم لورم صنعت شاب إن مادة لورم ايبسوم التعليمية مع إنشاء مفهوم بسيط للصناعة هي مادة لورم ايبسوم.

الرد

ميبسندم

لا يوجد اسم

هذا هو عنوانه

۲۲ مرداد ۱۴۰۳

لورم ايبسوم مادة تعليمية بسيطة لتوليد مفهوم ايبسوم صنع لورم ايبسوم هو مفهوم تعليمي بسيط لتوليد ابسوم لورم صنعت شاب إن مادة لورم ايبسوم التعليمية مع إنشاء مفهوم بسيط للصناعة هي مادة لورم ايبسوم.

الرد

ميبسندم

لا يوجد اسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *