المضطرّ” هو منْ قد بلغ غاية الحاجة، ووصل إلى أقصى درجات الضيق، حتّى لمْ يبق له سوى الله تعالى ملجأً ومُنْقذًا. ففي سورةِ النمل في الآيةِ 62:( أمن یجیب المضطر إذا دعاه و یکشف السوء و یجعلکم خلفاء الأرض”)، يُبشّرُنا اللهُ تعالى بأنّهُ هو المُجيب للمضطرّين إذا دعوه، وهو الكاشف للسوء والضيق عنْهم، وهو الذي يجعلهم خلفاء في الأرض. قد ورد في الأحاديث أنّ المضطرّ في هذه الآية، هو الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) فالمهديّ (عليه السلامُ) يرى جميع أبنائه على وشك الهلاك، ويصل هذا الاضطرار به إلى حدّ أنّه يقول: “اللهمّ كفى! وورد في روايةٍ أنّ الإمام (عليه السلام) يقرأ هذه الآية عند الكعبة حتّى الصباح و من ثم يُؤذَن له بالظهور (الغیبة للنعمانی، ص۳۱۴)
وفي باقي الآية التي لا يُلتفت إليها كثيرًا، يقول اللهُ تعالى: “وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ”. وعندما نتحدّث عن كلمة “مضطرٌّ” يجب أنْ ننتبه إلى أنّنا مضطرّون أيضًا. فلم يسبق أن حدث على الأرض مثل هذا المستوى من الاضطرار كما هو الحال في عصرنا، حيث يعاني ملايين الناس من نقص الماء والكهرباء والغاز والغذاء والإمكانات الصحية والأمن والنوم، ويفتقرون إلى جميع مقومات الحياة. يقول الأطفال الفلسطينيّون: “لن نكبر أبدًا، بل سنستشهد”. لا وجود لمفهوم المستقبل أو النضجِ أو رؤية المستقبل في أذهان هؤلاء الأطفال، وهذا الاضطرار هو الذي يتزايد ويُشير إلى أنّ حجم الاضطرار على الأرض قد وصل إلى ذروته. إنّنا نقترب من نقطةٍ لم يعد فيها مجالٌ لاستمرار هذا الوضع، ويجب حتماً أنْ يُفتح فرجٌ وأنْ تُقلّع جذور هؤلاء الظالمين وأنْ تُحرّر ملايين الناس.