التحقيق في خصائص الدولة الكريمة وحياة الإنسان بعد ظهور المنجي
ستنتهي النقطة الأخيرة لمستقبل الأرض والإنسان، بتشكيل الدولة كريمة للإمام صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف). تُعرف أيضًا باسم الحكومة العالمية، حكومة العدل، ووفقًا للقرآن حكومة المستضعفين والصالحين وحكومة الحق. من أبرز سمات الدولة الكريمة هو أن جميع أبعاد الوجود الإنساني ستصل إلى الكمال فيها، وسنشهد ذروة العدالة والنمو في جميع جوانب وجودنا.
لا تقتصر العدالة في حكومة الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف ) على الجوانب العلمية والاجتماعية والاقتصادية فحسب، وإنّما تتجلى في كافة المجالات. هذه هي العدالة التي يحبها ويبحث عنها جميع الناس وأتباع جميع الديانات وأديان العالم. بمعنى آخر، تبدأ الحياة الحقيقية للبشرية بعد ظهور المنجي، وفي هذا العصر يمكن للمرء أن يتذوق طعم الحياة الحقيقي.
من الخصائص الأخرى للدولة الكريمة بأنها تجعل سيادة وجودنا تحت قيادة الإنسانية والجزء ماوراء العقلي وينتظم نظام محبتنا، ولن يكون هناك لنا محبوب أعلى من الله تعالى وأئمة أهل البيت الأربعة عشر (عليهم السلام) والجهاد.
إن ظهور الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف ) وتشكيل الدولة الكريمة يعني نهاية أحزان التاريخ والأنبياء والمظلومين وشعوب العالم وبداية السعادة والسلام والأمن والقوة والثروة والصحة والسعادة. فبظهوره تزول كل الجوانب السلبية من حياتنا البشرية ويسود الخير والجمال. في مثل هذه الحالة، يمكننا أن نصل إلى النمو البشري في أقصر وقت، وبالإضافة إلى السعادة الدنيوية، يمكننا أن نجد طريقًا إلى الغيب، والسماء، والبرزخ وما بعده.
في الحكومة الموعودة ستتم إزالة العوائق الموجودة في طريق نمو الماوراء العقل ويمكننا أن نفهم معنى خليفة الله. ولا توجد حكومة، باستثناء حكومة الإمام الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، لا تتوفر شروط الوصول إلى منصب خليفة الله إلى هذا الحد وهذا العمق في غير حكومات. في عالم ما بعد الظهور، سنعيش جميعًا حياة العقلانية خالية من المشاكل الجسدية والنباتية والحيوانية والفكرية. إن السعادة والسلام الحقيقيين، اللذين هما علامة المؤمن، سيتحققان بالكامل بعد الظهور.
تشير الأدعية والروايات الإسلامية إلى خصائص جمة للدولة الكريمة، من بينها: رفع المعاناة، و إبادة الشرك، والقضاء على روح التوحش والصراع، إقامة وتعزيز العلاقة الحبية مع الغيب والأحباب الرئيسية والتواصل مع المحبوب الحقيقي، وإحياء القرآن الكريم، والقضاء على الكذب، قطع وساوس الشيطان، ونشر المعرفة وفتح جميع أبواب العلم، وإرساء الأمن والعدالة في جميع المجالات، وتوفير الرفاهية والراحة الوفيرة. وفي هذا المقال نستعرض بعض هذه الميزات معًا.
لماذا يجب أن نعرف خصائص الدولة الكريمة؟
يُعدّ تكوين الدولة العالمية للإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) نقطة النهاية لمسيرة التاريخ نحو ظهور المخلص. هذه النهاية هي نفسها ذلك المستقبل المشرق الذي بشّرت به الأديان المختلفة، وسعى لتحقيقه الكثير من الناس عبر التاريخ، ومهّدوا له الأرضية. لا شكّ أنّ دولة بهذه الخصائص تختلف حتماً عن جميع الدول في تاريخ البشرية، ولذلك فإنّ إحدى أهمّ خصائص دولة المهدي هي تفردها وتميزها.
في الدولة الكريمة، تُحدّد مكانة الأفراد وموقعهم بناءً على مدى استحقاقهم وتوافقهم مع الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف). لذا، إن أردنا أن نحظى بمكانة وموقع في هذه الدولة، فعلينا أن نُعدّ أنفسنا لذلك مسبقاً. وتعدّ المعرفة أساس هذا الإعداد. فعندما نتعرف على خصائص الدولة والحضارة الإلهية، نستطيع أن نُنسّق أنفسنا معها بشكلٍ أفضل، ونُهيّئ الأرضية اللازمة لتشكيلها. إنّ ظهور الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) يحدث فجأة، ويُصيب الجميع بالغفلة، ما عدا الذين قد أعدّوا أنفسهم مسبقاً وتعلّقوا بإمامهم.
قطع جذور الظلم والعداوة وتدمير المستكبرين
الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) هو مبيد العتاة والمردة[1] في العالم ومن خصائص ظهوره قطع جذور كل البؤس والمصائب الذي نعانيه في العالم[2]، سواء كانت تلك الظلمات التي تُمارس في نطاقات ضيقة مثل الإدارات والمستشفيات والبلديات والوزارات، أو تلك الظلمات الكبرى التي تجري على مستوى العالم. ومن أمثلة هذه الظلمات الكبرى استكبار الدول العظمى وظلمها للدول، خاصةً المسلمين في العراق وأفغانستان واليمن وفلسطين.
تُعدّ دولة الإمام المهدي(عجل الله فرجه الشريف) دولة كريمة تقضي على جميع أنواع الظلم والعداوات[3]، بدءًا من أبسطها وأصغرها، مثل الخلافات الزوجية أو الخلافات بين أفراد العائلة الواحدة، وصولًا إلى أشدّها وأكبرها، مثل الصراعات بين الأديان المختلفة، والصراعات بين المذاهب الإسلامية، والصراعات بين مختلف الشعوب والأمم.
إعادة الشريعة وتجديد الفرائض
يُعدّ عالم الغيبة الكبرى للإمام المهدي(عجل الله فرجه الشريف) مليئاً بالبؤس والشقاء والنكبات والفساد، بينما يعمّ الخير والرخاء والعدل والإيمان مع ظهوره الشريف. فعند ظهوره، يتم إعادة الملّة والشريعة، أيّ أنّ أصول الحياة والقوانين الحيوية ستعود إلى المجتمع.[4] إنّ المجتمع الذي يفقد نظامه وتنظيمه يشبه المبنى الذي ينهار بزلزال فيسقط بهزة أرضية بقوة درجتين فقط. يُصلح الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) بظهوره المبارك حسابات العالم وترتيبه، فلن يكون هناك فقرٌ ولا مرضٌ ولا ظلمٌ ولا طلاقٌ ولا خلافٌ ولا حقدٌ ولا جهلٌ بعد ذلك.
من خصائص عصر الإمام المهدي(عجل الله فرجه الشريف) المميزة تجديد الفرائض وإحياء السنن[5]. ففي ذلك العصر تبلغ جودة العبادات مبلغاً عظيماً، بحيث تصبح ركعتان من الصلاة كفيلتين بالنجاة. بينما في غياب المهدي(عجل الله فرجه الشريف) تكون جميع الفرائض والعبادات والصيام والزيارات والأعمال الخيرية والصدقات فاقدة للجودة، ومقترنة بآلاف المصائب، لأنّ النية غالباً ما تكون غير صحيحة، وتصاحبها المنّة والمطالبة. وبالفعل، فإنّ إحدى أهمّ خصائص الدولة الكريمة وعصر ما بعد ظهور الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) هي أنّ العبادات ستُصبح ذات روح وجوهر، وستتخلّص من القشور والمظاهر.
تصحيح الانحرافات وإنهائها
ومن خصائص حكومة الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) القضاء التام على أي خلاف وظلم وسلوك سيء بين الناس[6]، في ذلك العصر الذهبي، سيسود السلام والصفاء في جميع أنحاء العالم، ويعيش جميع الناس معًا بوحدة ومساواة تامة، كما أنه سيتم محو وتدمير كافة المعايير اللاإنسانية وعوامل الفساد والدمار[7] وآثارها في المجتمع والناس وسيتحول المجتمع إلى جنّة وفضاء طاهر نقي، لا يوجد فيه أفكار سلبية وعوامل محركة مؤدّية إلى الشر و الجحيم.
البركة والسعادة
يحمل ظهور الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) بركاتٍ جمة، وبه تتلبس الأرض بحلة السرور، فتُنبت خيراتها وتُظهر كنوزها من الماء والنبات والزهر والخير والبركة والثروة. وقد أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا الأمر فقال: ” يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي وَ يَعْمَلُ بِسُنَّتِي وَ يُنْزِلُ اَللَّهُ لَهُ اَلْبَرَكَةَ مِنَ اَلسَّمَاءِ وَ تُخْرِجُ لَهُ اَلْأَرْضُ بَرَكَتَهَا “.[8]
ترتيب نظام الحب
لو كان نظام محبتنا إلهيًا بحتًا، مبنيًا على حب الله وكراهيته، لما نشأت حرب أو خلاف على وجه الأرض. وسيجسّد هذا المجتمع المتعالي والمتقدم بظهور الإمام المهدي(عجل الله فرجه الشريف). فحيثما يوجد خلاف أو نزاع، تكمن حتماً “الأنانية” في أساسه. وما يقوم به الإمام المهدي(عجل الله فرجه الشريف) هو تنظيم نظام محبة البشر لكي تزول “الأنا” ويحل محلها حب الله.
العدالة المعنوية
ستُقام العدالة الاجتماعية مع ظهور الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وستُحلّ المشاكل الاقتصادية، ولن يكون هناك أي مرض أو ألم. ولكن الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) لا يأتي من أجل هذه الأمور فقط؛ بل يأتي من أجل إقامة العدالة المعنوية، حتى يتمكن جميع الناس من الوصول إلى مقام الأنبياء والإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف). ففي الواقع، جميعنا نسعى للوصول إلى المقام المحمود[9]، ولكن في الوقت الحالي، بسبب غياب العدالة ووجود الظلم في العائلات والمجتمعات المختلفة، لا يمكن للجميع الوصول إلى هذا المقام. وأحد خصائص الدولة الكريمة هي أنه في هذه الحكومة، سيقوم الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) بإزالة جميع العوائق، وسيكون لدى الجميع ما يكفي من الحرية المعنوية للنمو والازدهار، وسيكونون قادرين على النمو مثل الإمام المعصوم.
تحقيق النمو والتطور في كافة جوانب الوجود
إنّ بنية وجودنا البشر، رياضية ذات أعداد ومقادير ويمثل التوازن ركيزةً أساسيةً لصحته وسعادته. فإنّ توازن جميع أجزاء وجود الإنسان ضروريٌّ لتحقيق السعادة. ويُعدّ وجود دولة كريمة يحكمها متخصص معصوم، عاملًا أساسيًا لتحقيق هذا التوازن والتعالي.
نحن البشر، في البعد الخامس لوجودنا، نحمل حبًا فطريًا لله، وهذا الحب يعني أننا نرغب بشكلٍ عميقٍ في أن نصبح أشبه بالله ونصل إلى مقام الخلافة الإلهية. لكنّ الوصول إلى هذا المقام لا يتحقق إلاّ من خلال مرشدٍ روحيّ وصل هو نفسه إلى هذا المقام. إنّ الدولة الكريمة هي دولةٌ تحكمها معصوم متخصص وإنسانٌ كامل. في ظلّ هذه الدولة، يمكننا البشر أن نصل إلى مقام المحمود والخلافة الإلهية. لذلك، فإنّ من أهمّ خصائص الدولة الكريمة هو مساعدة الإنسان على النموّ والوصول إلى مقامٍ إنسانيٍّ راقٍ. في ظلّ هذا النموّ، تنمو أيضًا أبعادٌ أخرى لوجودنا وتصل إلى التوازن. على سبيل المثال، في عصر ظهور الإمام المهدي(عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، ستُفتح جميع أبواب العلم والمعرفة أمام البشر على صعيد المرتبة العقليّة. فقد عرف الناس قبل عصر الظهور فقط قسمين من أصل سبعة وعشرين قسمًا من العلم، بينما سيفتح الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) العشرين وخمسة أقسامًا الباقية.[10] ولكن، يبقى السؤال: لماذا لا يتطوّر سوى قسمين فقط من أسس المعرفة قبل الظهور؟
يصبح العلم دون إرشاد إنسان كامل ومتخصص معصوم أداة خطيرة في يد الإنسان، ممّا قد يُؤدّي إلى استخدامه في طریف الشرّ بدلًا من الخير. لم نكن في أيّ وقتٍ مضى نشهد مثل هذا التقدّم العلميّ الهائل الذي نشهده الآن، ولكن كلّما تقدّم العلم ازدادت شدّة البؤس والمشكلات. ففي الوقت الحاليّ، تنتشر على الأرض مشاكل مثل الجوع والأمراض الجسدية والنفسية والإدمان والحروب وسفك الدماء والحزن والهمّ. قدْ يوفّر العلم الراحة، لكنّه سلبنا الهدوء والسعادة؛ لأنّه لا يخضع لسيطرة القسم ماورراء العقل، بل هو في خدمة الجزء الحيوانيّ، أو بعبارةٍ أخرى، في خدمة الوهم. ونتيجة لذلك فلا توجد قدرةٌ على استخلاص أسس العلوم الأخرى في هذا العقل المُسيطر عليه الوهم. في دولة الإمام المعصوم، سيخرج العقلُ من سيطرة الوهم، وسيكون الإنسان قادرًا على استخدام جميع قدراته العقلانية تحت توجيه الإمام.
يتحسن حال النمو الإنساني بظهور الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) لدرجة يصل فيها الإنسان إلى مقدرة الاستفادة من كل أسس العلم. فلا يعود يسيء استخدام العلم، بل سيتم استخدامه لتحقيق التوازن بين جميع جوانب الحياة والراحة مع السعادة والهدوء. ويزداد التقدم العلمي في زمن الظهور لدرجة يقترب فيها الإنسان أكثر ما يكون من حيث العلم من الله وخزائن العلم الإلهي، أيّ المعصومين (عليهم السلام).
ومن خصائص الدولة الكريمة في الأبعاد الجنسية والحيوانية والاجتماعية هو إرساء العدالة وأمن الحياة المالية والقضائية. يصل الإنسان في هذا العصر إلى مرحلة من النمو حيث تختفي روح العدوانية والاعتداء من وجوده ويعم السلام والأمن في جميع أنحاء الكوكب. في دولة الموعود، لا يوجد خوف أو قلق من المطالبة بالحقوق، وسيحصل جميع أصحاب الحق على حقوقهم. من حيث الأمن المالي، سيتم إنشاء الاكتفاء الاقتصادي لدرجة أن فكرة التعدي على حقوق الآخرين لن تخطر ببال أحد.
من أهم وأجمل خصائص دولة الموعود في البعد الحيواني هو تحقيق التوازن في العلاقات الإنسانية.
في هذا العصر، ستُبنى جميع العلاقات على أساس قواعد الثلاث “هو أنت” و “هو رسول الله” و “هو الله”؛ أي أن الناس سيحبون بعضهم البعض، ويتعاملون مع بعضهم البعض بمحبة وتفان، وستختفي الخلافات والكراهية والطلاق؛ ويعود ذلك إلى أنه لم يعد هناك مفاهيم حيوانية وسيطرة الأبعاد الحيوانية، و تجعل النمو البشري وسيادة الجزء ماوراء العقلي، جميع الأبعاد الأخرى متوازنة وتحت سيطرة الإنسانية.
من مُميّزات أخرى للدولة الكريمة، هي التطوّر والعدالة في المجال النباتي، ممّا يُؤدّي إلى القضاء على الأمراض، وتصحيح نظام التغذية، وتوفير أفضل وأنظف الأطعمة للبشر، ممّا يُساعد على صحة الأجسام وإطالة العمر. يلعب التوازن في الجانب الجسدي دورًا هامًا في تحقيق التوازن بين الجانبين الحيواني والعقلي وماوراء العقلي. تُعتبر أهمية هذه المسألة كبيرة لدرجة أنّ العديد من الأمراض النفسية تُعزى إلى عدم التوازن في الحالة الجسدية. فالجسم هو مركب النفس في جميع أبعاد الوجود.
من بين خصائص الدولة الكريمة في البعد الجمادي، يمكننا الإشارة إلى حلّ المسائل الاقتصادية. فالإقتصاد هو أداة للنمو والتقدم في الأبعاد الوجودية الأخرى. عندما لا تسيطر القوى ماوراء العقلانية على الأبعاد الأخرى لوجودنا، فإنّ ازدياد المال سيؤدي إلى الفساد، ويُخلّ بتوازننا على الصراط المستقيم، ممّا قد يتسبب في سقوطنا في هاوية الکمالات النباتية والحيوانية. أمّا في دولة الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فإنّ المال والثروة يفقدان جاذبيتهما، ولن يكونا بعد ذلك إلهًا لقلب الإنسان ومصدرًا لشرفه.
إن خصائص الدولة الكريمة وعصر ظهور الإمام المهدي(عجل الله فرجه الشريف) هي تجربة حياة ملكوتية وسماوية، حيث لا توجد مشاكل اقتصادية أو جسدية أو حيوانية في هذا العصر. العلم في ذروته، ولا توجد خلافات أو صراعات، ويمكن للبشر التواصل مع السماء والغيب.
في ختام عرض خصائص دولة كريمة، لا بدّ من بيان نقطة ضرورية. فمن الأدعية التي نرددها في دعاء الافتتاح: “اللهمّ إنّا نَرغَبُ إلَيكَ في دَولَةٍ كَريمَةٍ”. والسؤال المهمّ هو: هل نرغب حقيقةً بمثل هذه الدولة؟ إنْ وُجِدَ الرّغبة والحبّ الحقيقيّان، ستُوجد الحركة والنشاط، والسعي نحو المهدوية، وتكريس أبعاد الوجود الإنسانيّ للوصول إلى الدولة الموعودة الإلهيّة. أي أنّ جميع أبعاد الوجود الخمسة ستكون نشطةً من أجل الوصول إلى هذه الدولة والعيش في جنة الأرض.
ولكن إنْ كُنّا على علمٍ بخصائص الدولة الكريمة، دون ان نرغب فیها، ونتهاون في إقامة مثل هذه الجنة لأهل الأرض، فهذا يعني أنّنا قد خاننا الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وخاننا أنفسنا، وخاننا جميع البشر على وجه الأرض.
إنّ تجاهل مسألة المهدويّة والظهور وعلاقتها بالخيانة أمرٌ أكّده الإمام الخمينيّ مراراً وتكراراً، ووصف المسؤولين الذين لا يفكّرون في تكوين حكومة عالميّةً بالخائنين والمُخطِرين[11].
[1] . أَيْنَ مُبِيدُ الْعُتاةِ وَ الْمَرَدَةِ (دعاء الندبة)
[2] . يْنَ الْمُعَدُّ لِقَطْعِ دابِرِ الظَّلَمَةِ(دعاء الندبة)
[3] . أیْنَ الْمُرْتَجى لِإِزالَةِ الْجَوْرِ وَ الْعُدْوانِ؛ دعاء الندبة
[4] . أینَ المُتَخَیَّرُ لِإعادَةِ المِلَّةِ وَ الشَّریعَة؛ دعاء الندبة
[5] . أَیْنَ الْمُدَّخَرُ لِتَجْدیدِ الْفَرائِضِ وَ السُّنَنِ؛ دعاء الندبة
[6] . أینَ المُنتَظَرُ لإقامَةِ الأمتِ وَ العِوَج؛ دعاء الندبة
[7] . أَيْنَ طامِسُ آثارِ الزَّيْغِ وَ الْأَهْواءِ؛ دعاء الندبة
[8] . اربلی، علیبنعیسی، کشف الغمة فی معرفة الائمة، بیروت، دارالاضواء، ج ۳، ص ۲۷۲
[9] . اَسَئلهُ اَن يُبَلغَنيَ المَقامَ الَمحمودَ لَكُمُ عِنْدَ اللهِ؛ زیارة عاشوراء
[10] . اَلْعِلْمُ سَبْعَةٌ وَ عِشْرُونَ حَرْفاً، فَجَمِيعُ مَا جَاءَتْ بِهِ اَلرُّسُلُ حَرْفَانِ، فَلَمْ يَعْرِفِ اَلنَّاسُ حَتَّى اَلْيَوْمِ غَيْرَ اَلْحَرْفَيْنِ، فَإِذَا قَامَ اَلْقَائِمُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَخْرَجَ اَلْخَمْسَةَ وَ اَلْعِشْرِينَ حَرْفاً فَبَثَّها فِي اَلنَّاسِ، وَ ضَمَّ إِلَيْها اَلْحَرْفَيْنِ حَتَّى يَبُثَّها سَبْعَةً وَ عِشْرِينَ حَرْفاً؛ حلى، حسن بن سليمان بن محمد، مختصر البصائر، تحقیق مشتاق مظفر، قم، مؤسسة النشر الإسلامی، ۱۴۲۱ ق، چاپ اول، ص ۳۲۰
[11] . صحيفة الإمام الخميني، ج21، ص 327