الثورة الإسلامية الإيرانية ممهدة للظهور أو مؤسسة لحكومة الصالحين
إن الثورة الإسلامية في إيران ممهّدةٌ لظهور الإمام المهديّ(عجّل الله فرجه الشريف) وبداية حركةٍ عظيمةٍ لتكوينِ حضارةٍ عالميّةٍ حديثة. كما بيّنّا في المقالات السابقة، کان قد صمّم الله تعالى هذا الدور المهمّ والمؤثّر، ووكّل مهمّة التعریف وتربية الإيرانيّين إلى ممثّليه المعصومین، رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام). لقد تحدث (صلي الله عليه وآله) بصراحة عن دور إيران في مستقبل العالم وقام بشكل جاد بتدريب الإيرانيين وتعزيزهم. ساهم المعصومون أيضًا في تأسيس الثورة الإسلامية الإيرانیة والممهدة للظهور، عن طريق إرسال طلابهم ونوابهم إلى هذه المنطقة، والترتيب الهندسي لأبناء الأئمة في إيران، وتركيز شبكات الوكلاء والنواب لهم في إيران. لقد قدّم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الإسلام منذ البداية كدينٍ عالميٍّ، وكرّر التأكيد على أنّ مستقبل العالم سيُبنى على أساس دين الإسلام. کانت طريقة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في تربية النّاس ونشر الدين طريقة خاصّة، فقد ركّز بشكلٍ أساسيٍّ على تعريف طريق الولاية، الذي هو الطّريق الوحيد للوصول إلى التوحيد.
وفقاً لآيات القرآن فإن انتصار الحق أمر مؤكد وحتمي. وهناك نقطة أخرى مهمة يجب أن ننتبه إليها، وهي أن مجری انتصار الحق على الباطل هو مجری تدريجي. لقد أكد القرآن دائما على أن انتصار الحق لا يحدث فجأة ودفعة، بل يجب أن یتقدم هذا المجری تدريجيا ویصبح أقوى تدريجا. يجب أن يُخلَق تیار الحق في قلب الباطل، ويقوى تدريجياً، حتى يتمكن من تعطيل الباطل؛ تمامًا مثل فيروس صغير ينتشر في جميع أنحاء الجسم ويؤدي في النهاية إلى إعاقته.
ينطبق هذا الأصل أيضاً على دور الثورة الإسلامية في إيران في تمهيد الأرضية للظهور. أولاً، كان لا بد من تشكيل تيار الحق في مكان ما، حتى يمكن تقويته مع مرور الوقت وتربية العديد من الصالحين. وكان ينبغي لهذه الجبهة أن تنمو كثيراً وتستمر في تربیة الصالحين إلى أن تتوفر الأسس اللازمة. وكان ينبغي لهذا التيار أن يسعى ليجعل أهل العالم يسلمون أنفسهم باختيارهم وإرادتهم الحرّة، لا بالإكراه والقوّة.
في العصر الصفوي، وبعد سنوات من العمل الثقافي وجهود الشيوخ والعلماء، توفرت ظروف القبول الكامل للإسلام والتشيع. ومنذ هذا العهد، أصبح دور إيران في مستقبل العالم أكثر بروزا. كما ذكرنا سابقًا، منْ شروط ظهور الحضارة الموعودة وقيامها، هو اختيار الأفراد وإرادتهم؛ لذلك، كان يجب أن يتم هذا التمهيد تدريجيًا حتى تُثير الشوق والرغبة في القبول والسعي لهذه الدولة في نفوس الأفراد؛ إن الظهور المفاجئ للإمام وتشكيل الحضارة الموعودة ليس له مثل هذا النتاج على الإطلاق، وليس لإختيار الإنسان دورا حاسما فيه. كان لا بد من إقامة حكومة في ركن من أركان الأرض لإستعداد الشعوب تدريجياً؛ ومن ثم تشكیل قاعدة عسكرية وسياسية واقتصادية وعلمية وإنشاء جیش قوي لتكاثر الصالحین في آخر الزمان. جيشٌ قويٌّ وحكومة تُنشئ الصالحين بفضل و برکة الثورةِ الإسلامِية في إيران.
في سیاق فهم دور الثورة الإسلامية الإيرانية في تمهید الأرضية للظهور، تطرح بعض الأسئلة؛
- ما کان الهدف الرئيسي للثورة الإيرانية؟
- ما هي أعظم ثمرة الثورة الإسلامية؟
- ما هي أخطر آفة حدثت في الثورة الإيرانية؟
- هل هناك علاقة بين الثورة الإيرانية وظهور المنقذ الموعود؟
سنقدم إجابة واضحة وكاملة على هذه الأسئلة في المقال. لم تكن الثورة الإسلامية في إيران مجرد ثورة وطنية، بل كانت ثورة عالمية وكانت لها خطة لسعادة جميع شعوب العالم. لقد كان هدف هذه الثورة إيمان الشعب، وسعت إلى إيمان الناس بأنّهم عبيد الله وحده، وليسوا عبيداً لأي قوة إلا الله.
تمهید الأرضية للظهور، غایة الثورة الإسلامية إلإيرانية
إن القضية الأساسية التي ينبغي التطرّق إليه في أيّ ثورة هي هدفها الأساسي. كلّما ابتعد هدف الثورة عن أذهان الناس، ابتعدت مُثُلها وأسلوب حياتهم عن مسارها الصحيح. هذه الثورة لم تكن ثورة مادّية بحتة، بل اهتمّت بمعتقدات الناس، وجعلت قلب الإنسان محور أهدافها ومبادئها. كان على الثورة الإيرانية أن تهيئ قلوب الناس ومعتقداتهم لحدث أكبر؛ و هو ظهور المهديّ المنتظر(عجّل الله فرجه الشريف) وتكوين حكومة الموعود الإلهي.
لا يمكن لأيّ حضارةٍ أنْ تحقّق كل جوانبها بشكلٍ صحيحٍ دون زعامة إمامٍ متخصصٍّ معصومٍ. فلذلك واجهت الثورة الإيرانية أيضًا في مسيرتها الأربعينيّة بعض التحدّيات التي لا مفرّ منها. فالثورة الإيرانية ليست هي الدولة الكريمة الموعودة، بل هي دولة تحاول الاقتداء بالحضارة الإلهيّة وتُمهّد لظهور المهديّ (عجّل الله فرجه الشريف). لذلك لم يكن من المستغرب أن واجهت الثورة بعض المشاكل. كان الإمام الخمينيّ(رحمةُ الله عليه) يحذّر المسؤولين والشعب مرارًا وتكرارًا من أن تُبعدهم السلطة والثروة عن هدف الثورة الأساسيّ، وهو المهدويّة. حتى أفضل المسؤولين وأكثرهم التزامًا، إن نسوا المهدويّة وجرّحوا مسألة تمهيد الأرض لحكومة الله الموعودة، يكونون خونة وخطيرين على الثورة.
أهمّ دورٍ للثورة في بناء الحضارة الحديثة هو تربية صالحين ذوي سلطةٍ قويةٍ، صالحين يُمكنهم تهيئةُ الأرض لقدوم المهديّ (عجّل الله فرجه الشريف) بقوة تقواهم وإيمانهم، وباکتسابهم الخبرات في مختلف المجالات.
اقتبست الثورة الإسلامية الإيرانية من ثورات الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، وكان هدفُها العظيم هو إقامة حكومة الإسلام العالميّة . كان الإمام الخمينيّ (رحمةُ الله عليه) يرى أنّ هدفَ الثورة هو نفس هدف النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، ووصف رسالتها مرارًا وتكرارًا بأنّها رسالة الأنبياء.
منْ وجهة نظره، كانت الثورة خطة إلهيّة لم يقم بها الناس فقط ضدّ نظام الشاه، بل قاموا بها لإقامة دولةٍ إسلاميّةٍ. كانت رغبة أنصار هذه الثورة هي تنفيذ أحكام الله وأوامره في البلاد. ولأن نية الثورة هي نية إلهية، فإذا اجتمعت قوى العالم كافة، لن تستطيع أن تمنع تحقيق هذا الهدف.
نشأتْ الثورة الإسلامية في إيران في ظروفٍ كان فيها العالم مقنعًا بأنّ جميع الناس عبيد لأمريكا ولغيرها من أصحاب الثروة والسلطة. ولكن ثورة إيران جاءت لتثبت أنّ الإنسان حرٌّ مطلقا، وأنّ عبوديّته لله تعالى وحده. لقد حطّمت هذه الثورة قيود العبوديّة التي فرضها الطاغوت على الإنسان، وأعادت له كرامته وحريّته. لقد كان العالم الماديّ یأخذ فقط عالم الطبيعة والمادة بعين الإعتبار، وكان غافلا عن الله وقوة الإيمان. لكي يصبح الإنسان عبداً لله ويحقق سعادة الدنيا والآخرة لنفسه، عليه أن يخرج من عبودية أي إله غير الله. ولقد احتاج في هذا المسار إلى حضارةٍ تخرجه من ظلمات الجهل والضلال، وتربّيه للوصول إلى مقامه الإنساني والخلافة الإلهية على الأرض. والمجتمعات البشریة، التي كانت بعيدة كل البعد عن هذه الحقيقة، كانت بحاجة إلى ثورة تهز أسسها الفكرية والعقائدية، وتهيئها لقبول الحضارة الإلهية الموعودة.
العلاقة بين الثورة الإيرانية وظهور المنقذ الموعود
قلنا إن الدور الأول للثورة الإيرانية في الحضارة الحديثة كان تعريف الناس بفطرتهم وقيمتهم الإنسانية؛ لكن هذا الهدف في حد ذاته كان مقدمة لهدف أهم. إن التمهيد لظهور المنقذ الموعود وإقامة حضارة إلهية جديدة كان الهدف المهم للثورة الإسلامية. ومعمار الثورة، الذي كان معمارا حاذقا وذكيا، ردد هذا الهدف للشعب بطرق مختلفة، وذكّر الناس به تحت ذرائع مختلفة. إنه كان أحد اولياء الله والعرفاء المستنيرين، وكان يعلم جيدًا أن هذه الثورة يجب أن تنتج رجالًا صالحين للتجنید في جيش المنقذ الموعود. منذ البداية تحدث الامام الخميني (رحمة الله عليه) عن الأهداف العالمية للثورة وتغيير مسار تاريخ العالم ومستقبل البشرية. لقد جذبت الثورة الإيرانية القلوب الميالة إلى التغيير والنمو، وأضافت إلى محبي ومؤيدي هذا التفكير يوما بعد يوم؛ بينما أصبح نفوذ وقوة الاستكبار العالمي أكثر تزییفا وسخفا، وأصبحت حدود المعركة التاريخية بين الحق والباطل أكثر وضوحا.
كان الإمام يكرر دائماً أن الثورة الإيرانية لها علاقة مباشرة ووثيقة بمسألة الحكومة العالمية وظهور المنقذ. لقد كان يقول دائمًا في كلماته أنه نحن لا نقدر أن نملأ العالم بالعدل، هذه ليست مهمتنا. يجب أن يأتي صاحب الزمان (عجل الله تعالي فرجة الشريف) ويحقق هذا المهام. مهمتنا هي توفير الوسائل والظروف. وقال: “أرجو أن نصل إلى مطلوبنا الحقيقي وأن ترتبط هذه النهضة بنهضة ولي العصر الإسلامية الكبرى (عجل الله تعالى فرجه)”. جملة الإمام المعروفة هي بشرى لهذا الحدث المبارك: “نحن بإنتظار رؤية الشمس”. ونأمل أن تصبح هذه الثورة، ثورة عالمية وتكون مقدمة لظهور بقية الله الأعظم”.
لقد تم تصميم دور الثورة الإيرانية في الحضارة الحديثة منذ القرون الماضية، وفقط تم إيداع الإيرانيين في آخر الزمان بتنفيذه. من كان لديه القليل من المعرفة بالآيات والروايات المتعلقة بالظهور، فإنه يجد آثار هذه الآيات والروايات في جمل الإمام البسيطة والواضحة. قال (رحمة الله عليه): “يجب أن تنتبه جميع الجهات التي استخدمت لهذا المعنی، أن يجهزوا أنفسهم للقاء حضرة المهدي عليه السلام”. وقال في وعد قاطع: “الثورة الإسلامية تتوسع في جميع أنحاء العالم بعناية الله، إن شاء الله مع توسعها، سيتم عزل القوى الشيطانية، وستقام حكومة المستضعفین، ویستعد العالم للحكومة العالمية الموعودة في آخر الزمان.” ولقد کرر مراراً أن الثورة الإيرانية ستسلّم علم الحكومة العالمية لصاحب الزمان (عجل الله تعالی فرجه).
- أخطر آفات الثورة
على الرغم من أنّ دور الثورة الإيرانية في الحضارة الحديثة كان مهماً ورئيسياً للغاية، إلا أن هذه الثورة لم تستطع أبداً أن تتصرف مثل حكومة الإمام الخبير والمعصوم. من الواضح تمامًا أن أفضل الثورات الإلهية يمكنها أن تكون في النهاية ممهدة جيدة للحكومة العالمية الموعودة ولا يمكن لأي ثورة أن تدعي أنها بدون حكم خبير معصوم، يمكنها تشكيل حكومة إلهية كاملة ومجتمع انساني مئة بالمئة وبدون أخطاء .
ولم تُستثنى الثورة الإسلامية عن هذه القاعدة. الإمام الخميني (رحمة الله عليه)، الذي كان زعيما محترفا صاحب قلب سلیم وروح طاهرة، کان على علم بهذه الأضرار المحتملة وحذر الناس مراراً وتكراراً من هذه الأضرار. ومن أجل أن يبین للناس بشكل صحيح دور الثورة الإسلامية في إيران في إرساء أسس الظهور، كان دائمًا يدقق في الأضرار والآفات المدمرة للحضارة الإلهية. على سبيل المثال، العديد من تصريحاته حول الظهور موجهة إلى المسئولين.
لقد كان يعلم جيداً أن نفس الإنسان ضعيفة جداً وقد تنسى هدفها الأصلي ومثلها الأعلى عندما تصل إلى السلطة والثروة. لقد جاء في تصريحات الإمام: «إذا شغلت الأمور المادية والاقتصادية ولو لحظة المسئولين عن مهامهم، فسيؤدي ذلك إلى خطر عظيم ورهیب». كان جالس الإمام عند الثورة الفتیة كالبستاني الحنون واللطيف، يستطلع الآفات ويُعَرِّفها. وکان یوصي بأن ممارسة القضايا السياسية والاقتصادية يجب ألا تُبعد المسؤولين عن الهدف الأساسي للثورة. وکان یقول صحيح أن حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية يجب أن تبذل قصارى جهدها لإدارة أمور الشعب بشكل أفضل، ولكن هذا لا یعني أنهم يبتعدون عن الهدف الرئيسي للثورة، وإلا سيصبحون بالتأكيد خونة وخطرين. في وجهة نظر الإمام، أيّ مسئول حتى لو خدم الناس وأدى مسؤوليته على أكمل وجه، فإنه يمكن أن يكون خائناً وخطيراً إذا إبتعد عن الهدف الرئيسي للثورة. وإن أفضل المدراء والمسؤولين هم خونة إذا لم يكونوا أوفياء ومخلصين لهدف الثورة.
إن هدف الثورة الذي إذا جهله مسؤولو الثورة الممتازین فإن طريق خدمتهم سيكون خاطئ وعبثي، هو تشكيل حكومة عالمية والانضمام إلى ثورة المهدي الموعود (عجل الله تعالی فرجه). على كل مسؤول أن يصالح مرؤوسيه مع إمام الزمان وعائلتهم السماوية. هذه المسؤولية مهمة جدًا وأساسية لدرجة أنها لا تتعلق فقط بالمسؤوليات الاجتماعية، بل أيضًا بالقيادة العائلية. المشكلة هي أننا نسينا الهدف الأعلى والجذر. لقد نسينا أننا جميعاً أبناء إمام واحد، وقمنا بالثورة لتهيئة الظروف لقدوم نفس الإمام. وأن هدفنا غير واضح، أو أنه مدفون تحت أذواقنا ورغباتنا المادية والدنيوية. الکتل والتحزب تجعل الأهداف منسية وتحل الأوليات النفسانية مکان الأولويات الإنسانية.
- أعظم انتصار وثمرة الثورة الإسلامية
إن دور الثورة الإيرانية في الحضارة الحديثة عظيم جدًا لدرجة أنه ينبغي أن تقوم بتربية شعب مثقف ليس فقط على مستوى إيران، بل على مستوى الحضارة الإسلامية الحديثة والدولة الكريمة. قلنا إنه كان هناك العديد من الحضارات والحكومات عبر التاريخ التي تمكنت من توفير الرفاهية والأمن لشعوبها إلى حد جيد؛ لكن في نهاية المطاف، لا تستطيع هذه الحكومات سوى توفير عالم جيد لشعبها وليس لديها خطة لبقية الشعوب. هذه الحكومات ليس لديها حتى خطة لحياة شعبها الأبدي.
قلنا في مقال “مبادئ الحضارة الإسلامية الحديثة” أنه على الرغم من أن الثورة الإسلامية في إيران تهتم بتثقیف ونمو الجوانب السياسية والاقتصادية والعلمية وغيرها، إلا أن جوهرها الحقيقي شيء آخر. إن الجوهر الحقيقي للثورة الإسلامية هو تربیة البعد الإلهي والإنساني للناس وتنميته. ونتيجة تنمية البعد الإلهي هي ضمان سعادة الناس في الدنيا والآخرة.
إن مرتبة دور الثورة الإيرانية في الحضارة الحديثة عالية لدرجة أنها لا تقتصر على الرفاهية الدنيوي للبشر. تسعى هذه الثورة إلى تثقيف وتربية أناس صالحين ومجهادين لتمهيد الأرضية لظهور المنقذ وتأسيس حضارة إلهية حديثة.
فمنذ عهد النبي آدم(عليه السلام) إلى اليوم لم تتمكن أي ثورة أو حضارة من تربیة هذا العدد الهائل من البشر لأجل تمهيد الارضية لظهور المنقذ. إن الثورة الوحيدة التي تمكنت من تدريب جيش مروع قوي للقتال مع المستكبرين وحرمان جبابرة العالم السلام، هي الثورة الإيرانية. لم تتمكن أي دولة غير إيران من وضع حد لقوى جهنمية مثل أمريكا وإسرائيل وسحق هيمنتها الزائفة.
لكل حضارة عشر خطوات، والخطوة الأولى والأهم في بناء الحضارة هي ثقافتها؛ القوى العسكرية والصناعية والعلمية وغيرها تبقی في المراحل التالية. لقد ذكر القرآن تسعة عوامل بصفتها عوامل بناء الحضارة، عوامل مثل الإعمار وبناء السدود والصناعة وغيرها. والإيرانيون في قمة هذه السمات ويتفوقون بسرعة على الآخرين. خلال هذه السنوات الأربعين التي مضت، حققت الثورة الإيرانية تقدماً ملحوظاً في جهات مختلفة، و ستستخدم هذه القوى في تمهيد الأرضية لتشكيل الحكومة العالمية الموعودة.
إن الثورة الإيرانية لا تريد الحصول على القدرات المختلفة فقط لإرضاء الشهوات الحكومية ورفاهية عالم الأشخاص، ولكنها تريد التمهيد لحكومة عالمية، بحيث تتمتع جميع شعوب العالم بهذه القدرات. إن الثورة الإسلامية في إيران ليس لديها نظرة قومية وعنصرية تجاه الأشخاص، وتعتبر جميع شعوب العالم إنسانا واحدا. إنسان واحدا يحتاج إلى العيش والتربية في حضارة إلهية وإنسانية؛ حضارة ستجعله يرتقي الى مقام خليفة الله في الأرض.