وسط الزحام حول الكاونتر، حيث كان الجميع مشغولاً بالحديث، وقعت عيني عليه، شاب صغير السن. عندما وصل قرب الكاونتر توقف للحظة. رأيت تردده، فشرعت بالحديث معه و شرحت له حملة “من هو الإمام المهدي؟” له. نظرًا للحرارة والتعب، اضطررنا إلى اختصار الشرح. لم تستغرق محادثاتنا مع الناس أكثر من دقيقتين أو ثلاث، لكنه كان يقف مستمعًا بعناية، وعيناه تتوق إلى مزيد من الشرح. تحدثت عن الجانب العلمي والبحثي، والجانب التنفيذي والإنساني، والأنشطة الدولية، وعن مراسم الاستغاثة. عندما فهم الأمر، أعطاني رقمه حتى يكون منظمًا لإقامة مراسم الاستغاثة في مدينته. كانت كلماتي قد انتهت تقريبًا، لكنه كان لا يزال واقفًا. بصوته الأهوازي الحلو، قال: “أنا لا أصلي، هل هذا يهم؟” قلت له: لا علاقة لذلك بالصلاة، فالسؤال عن أصلنا، وهدفنا في الحياة، ولماذا خلقنا، وما هو مصيرنا، هي أسئلة تدور في أذهان الجميع دائمًا. البعض يتجاهلها ويشغل نفسه بأمور الدنيا، والبعض الآخر لا يهدأ حتى يجد الإجابة. عندما سمع ذلك، ارتسمت على وجهه ابتسامة واسعة. قال إنه يريد المشاركة في الحملة. سألته: في أي مجال؟ هل في المجال الافتراضي أم العملي؟ قال: لا يهم، أي عمل أستطيع القيام به…
كنت أفكر في نفسي، كم كان نظامنا التعليمي خاطئًا، وكم كانت دعايتنا الدينية معيبة، لدرجة أن روحًا متلهفة هربت من الصلاة. شاب صغير يمشي مسافة 80 كيلومترًا مشيًا على الأقدام إلى كربلاء من أجل حب الإمام الحسين(ع)، والإمام المهدي(عج) هو حي في قلبه ومستعد للقيام بأي شيء من أجله، إذا فهم أن الصلاة هي استراحة العبد للتواصل مع حبيبه، وإذا تذوق حلاوتها مرة واحدة، فهل يستطيع تركها؟…