تاريخ صراع الخير والشر في العالم والتعرّف على حزب الله وحزب الشيطان عبر التاريخ

بداية صراع الخير والشر في التاريخ وفهم دور الصهيونية فيه

بداية صراع الخير والشر في التاريخ وفهم دور الصهيونية فيه

يمتد صراع الخير والشر إلى أعماق التاريخ، منذ اللحظة الأولى لخلق الإنسان. حين خلق الله الإنسان وأمر الملائكة بالسجود له، رفض الشيطان الأمر بتكبرٍ وغرور، مدعيًا أنه أفضل من الإنسان. هذا العصيان أدى إلى طرده من رحمة الله، ولكنه لم يتقبل النتيجة كعقابٍ لأفعاله، بل ألقى اللوم على الإنسان، وحمل في قلبه حقدًا عليه، وعزم على الانتقام منه شرّ انتقام. فأمهله الله ليُتيح للإنسان فرصة الاختيار، ولكن ليس إلى الأبد، بل إلى يوم معلوم وتاريخ مُحدّد،  ورد في التفاسير أنّه زمن ظهور المنجي الموعود وهكذا بدأ الصراع الأزلي بين قوى الخير المتمثلة في جيش التوحيد وقوى الشر المتمثلة في جيش الكبر والتمرد. وستستمر هذه المعركة إلى يوم إقامة الحضارة الإلهية الحديثة في العالم على يد قائد مُتخصّص معصوم. يحدد كل إنسان من خلال اختياراته وأفعاله إلى أي صف ينتمي: هل ينضم إلى جبهة الحق والخير، أم ينحاز إلى جبهة الباطل والشر؟ هل يكون من حزب الله أم من حزب الشيطان؟

من أبرز سمات حزب الشيطان هي صفة الكبر، تلك التي مثلت أساس تمرده. وعلى مر التاريخ، كان الصهاينة من أبرز قادة جيش الشيطان في هذا الصراع الأزلي بين الخير والشر. ورغم أنهم يزعمون أنهم ضحية ظلم جيش التوحيد، فإن الحقيقة تكمن في أنهم اختاروا الكبر والتمرد ليكونوا أداة لتحقيق أهداف الشيطان على الأرض. لكن هذا الصراع لن يستمر إلى الأبد، فالله وعد وعدًا حتميًا أن الأرض ستورث في النهاية إلى الصالحين الذين يقفون بصدق في وجه حزب الشيطان ويمهدون الطريق لظهور المنجي الموعود.

هؤلاء الصالحون، الذين يمثلون جبهة المقاومة، يدركون تمامًا أن الصهيونية هي جيش الشرك ووكيل أهداف الشيطان على الأرض. ومن هذا الوعي العميق، وقفوا بثبات ليهيئوا الأرض لإقامة الحضارة الإلهية الحديثة. هدفهم ليس فقط مقاومة الظلم، بل تهيئة العالم لاستقبال الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ليخرج من غيبته، ويعم التوحيد الحقيقي، وينال البشر التربية الإلهية الحقيقية ويحققون إنسانيتهم الكاملة في ظل العدالة الإلهية المنشودة.

بداية صراع الخير والشر في العالم

عندما تمرد الشيطان على أمر الله ورفض السجود لآدم، طُرد من رحمة الله وجُرّد من مقامه الرفيع. ومن تلك اللحظة بدأت مرحلة جديدة في تاريخ الكون. رأى الشيطان الذي امتلأ بالغضب والكِبر، في الإنسان سبباً لإبعاده عن مقامه ومكانته. وبدلاً من أن يتوب إلى الله ويطلب المغفرة ليعود إلى طريق الهداية، تحدى الله بجرأة وتفوه بكلمات مليئة بروح الانتقام، طالباً طلباً غريباً. أراد أن يُمنح الفرصة لإغواء بني آدم وإضلالهم. وبما أن سنة الله تقتضي منح المهل والفرص لعباده، فقد استجاب الله لطلبه، ولكن بشروط وحدود. قال الشيطان متحدياً: “قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَني‏ لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعينَ إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصين‏”[1]  لم تكن استجابة الله لطلب الشيطان عبثاً، بل لحكمة عظيمة.[2] أولاً، ليتاح للإنسان حرية الاختيار بين طريق الخير والشر، وليتحمل مسؤوليته الكاملة عن قراره. وثانياً، ليترك الله الشيطان يغرق في تمرده ويصل إلى قاع الضلال، وهذا في حد ذاته أعظم عقاب.

كانت استجابة الله لطلب الشيطان محددة بزمن معلوم ومحدد، وهو “يوم معلوم” ذكره القرآن الكريم.[3] منذ تلك اللحظة أقسم الشيطان أن يقف على طريق العباد الحق ليضلهم ويصرفهم عن الصراط المستقيم. وهكذا، بدأت معركة الخير والشر، وفتح الله للبشر باب الاختيار ليختبر إيمانهم وصدقهم. تناولت عدة تفاسير معنى “اليوم المعلوم”، حيث أشار بعض المفسرين إلى أنه يوم القيامة، بينما يرى آخرون أن ذلك الوقت المحدد الذي منح الله للشيطان هو يوم ظهور المنجي الموعود وإقامة الحضارة الإلهية الجديدة في العالم.[4]  بعد ظهور الدولة الكريمة على يد الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)  ففي ذلك اليوم، وسيُقضى على الشيطان، وتُطهَّر الأرض من شروره. وعليه، فإن معركة الخير والشر التي بدأت بتمرد الشيطان ستستمر حتى يوم ظهور المنجي الموعود، حينها ستنتهي هذه المعركة بانتصار الحق وزوال الباطل، لتشرق الأرض بنور الهداية الإلهية.

امتداد صراع الخیر و الشر في العالم

منذ اللحظة التي تمرد فيها الشيطان على أمر الله، وضع خطة مُحكمة لإغواء الإنسان وذريته، ليبعدهم عن طريق الحق ويقودهم إلى نفس المصير الذي انتهى إليه. وهكذا، انطلقت معركة الخير والشر في العالم، حيث تشكلت صفوف متقابلة: جبهة الحق التي تمثل الخير وجبهة الباطل التي تمثل الشر. كان الشيطان هو القائد الأول لجبهة الشر، لكن هذه الجبهة لم تقتصر عليه وحده. فمنذ ذلك الحين، وحتى قيام دولة الحق الإلهية على يد المنجي الموعود، كل من يتبع الشيطان في اختياراته وأفكاره وأسلوب حياته يصبح جندياً في صفوفه، عضواً في حزب الشر تحت قيادته.

في المقابل، تقف جبهة الخير، التي يتمحور وجودها حول التوحيد. وكل من ينضم إلى هذه الجبهة، منذ بدء الخلق وحتى يوم إقامة الدولة الإلهية، يكون جندياً في صفوف حزب الله. وبذلك، ينقسم العالم إلى حزبين رئيسيين لا ثالث لهما: حزب الله وحزب الشيطان. لا يمكن للإنسان أن يقف في منطقة حياد؛ إما أن يكون منتمياً إلى حزب الله أو إلى حزب الشيطان، ولتبد أن يشارك في معركة كبرى مستمرة بين هذين الحزبين دون توقف.

إن تمرد الشيطان الأول على الله كان بسبب كبريائه، لذلك أصبح “الكِبر” هو السمة الأساسية لجبهة الشر. ومن هذا الكِبر تنبثق صفات مثل “التكبر” و“الاستكبار”، وهي ثمار مسمومة لذلك المرض الداخلي. الكِبر يبدأ في أعماق النفس، ولكنه عندما يظهر إلى السطح يتخذ شكل التكبر أو الاستكبار. والفرق بينهما هو أن المتكبر يمتلك بعض المؤهلات التي تجعله يرى نفسه أفضل من الآخرين، بينما المستكبر لا يملك أي مزايا حقيقية، ولكنه يعيش في وهم التفوق. ولهذا، نرى أن الكِبر والتكبر والاستكبار هي صفات ملازمة لمعظم أتباع الشيطان عبر التاريخ.

حتى في بداية الخلق، كانت معركة هابيل وقابيل مثالاً على هذا الصراع الأزلي بين الخير والشر، بين التوحيد والاستكبار. فجبهة الشر دائماً ما تجسد الطغيان والتمرد، وهي امتداد لطغيان الشيطان الأول. وعلى مر التاريخ، تكررت هذه المعركة في أشكال مختلفة، حيث تصادمت جبهة الحق مع جبهة الباطل.

الخلاصة أن صراع الخير والشر ليس مجرد حدث عابر، بل هي معركة مستمرة تتكرر في كل زمان ومكان، تتجسد فيها صراعات بين الكِبر والتواضع، وبين التوحيد والطغيان، حتى يحين اليوم الذي ينتهي فيه هذا الصراع بانتصار جبهة الحق وهزيمة الباطل إلى الأبد.

نقطة نهاية صراع الخير والشر في العالم

منذ البداية، كانت مشيئة الله تهدف إلى إقامة حضارة إلهية على الأرض، حضارة تعود فيها البشرية إلى فطرتها الحقيقية التي تتجسد في عبادة الله والتقرب إليه. في هذه الحضارة، يخضع البشر لتربية إلهية تحت قيادة إمام معصوم ومتخصص في شؤون النفس البشرية والمعارف الإنسانية. وفي المقابل، كان هدف الشيطان دائماً أن يمنع تحقق هذا الحلم الإلهي، لأنه يعلم أن بروز هذه الحضارة يعني نهايته وزواله. فهو يسعى بشراهة إلى تدمير نسل آدم وإغوائهم إلى الأبد.

على مر العصور، كان جميع أنبياء الله يعملون على تمهيد الطريق لإقامة هذه الحضارة الإلهية. وكانت مهمتهم إعداد الناس نفسياً وروحياً لقبول ولاية الإمام المعصوم واتباع الدين الإلهي. ومع بعثة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وولاية الإمام علي (عليه السلام) وأهل البيت (عليهم السلام)، بلغ هذا الهدف ذروته واقتربت البشرية من تحقيق النقلة الحضارية الكبرى. لكن، بسبب ضعف استعداد الناس وقلة إيمانهم وقدرتهم على مواجهة قوى الشر، نجح الشيطان في كل حقبة في التفريق بين الناس وإبعادهم عن الطريق المستقيم. وهكذا، أصبح كثير منهم جزءاً من جيش الشيطان، وتركوا أئمتهم المعصومين وحيدين في معركة بناء هذه الحضارة. وبذلك، حُرموا من العيش في حضارة يقودها إمام معصوم متخصص.

ومع ذلك، فإن هذا الواقع ليس أبدياً. فقد أكد القرآن الكريم على إرادة الله القطعية في انتصار الحق، وهزيمة الباطل، واجتثاث جذور الكافرين والمستكبرين. ولن يتحقق هذا الهدف إلا تحت قيادة إلهية وجيش من المؤمنين المجاهدين الذين سيقفون بثبات في مواجهة قادة الشر في العالم.

يتحدث القرآن عن معركة نهائية في آخر الزمان بين جيش الحق وجيش الباطل، ستكون نتيجتها انتصاراً ساحقاً لجبهة الحق. حينها، ستؤول الأرض إلى المؤمنين، وسيصبح المستضعفون ورثة الأرض، وستسود كلمة الحق في العالم بأسره.

تعريف قادة جبهة الخير والشر في آخر الزمان

منذ فجر التاريخ، كانت اليهودية الصهيونية واحدة من أبرز القوى التي قادت جبهة الشر في الصراع الأبدي بين الخير والشر. الصهاينة، الذين امتلكوا جميع السمات والصفات اللازمة لقيادة جيش الشيطان، أصبحوا زعماء جبهة الشر على الأرض، وظلوا طوال التاريخ يسعون للسيطرة على العالم والقضاء على الحق. تسرد صفحات التاريخ وملايين الدقائق من تاريخ قوم اليهود أن الجبهة الصهيونية كانت على الدوام قوة هدامة تنشر الشر في الأرض. من عصيانهم لأنبياء بني إسرائيل المظلومين، إلى جرائمهم اليوم، كانوا دائماً مستعدين للتضحية بالملايين من الأرواح لتحقيق أهدافهم الدنيئة. إن أسلوبهم يعكس تقارباً مذهلاً مع منهج الشيطان نفسه؛ فهم يؤمنون بأن الغاية تبرر الوسيلة، يرون أنفسهم أسمى من جميع البشر، ويستميتون في سبيل إقامة حكومة عالمية تسيطر على كل شيء.

ولكن تقتضي إرادة الله بأن ينهض في آخر الزمان فريق من الصالحين يحملون راية الحق ويقفون بقوة أمام جبهة الشر، ليهزموهم ويمهدوا الأرض لظهور الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف). هؤلاء الصالحون هم أهل جبهة المقاومة الذين أدركوا أن الصهيونية تمثل جبهة الشيطان، وآمنوا قبل الظهور بالإمام المهدي وبمشروعه الإلهي. اختاروا أن يقفوا أمام أهواء أنفسهم وأمام وساوس الشيطان، ليقاتلوا حتى تسليم الأرض إلى صاحبها الشرعي، الإمام المهدي (عج). لا تستهويهم الحياة الدنيا، فهم يدركون أن الحق مغيب، وإمام الحق في غيبة. يكرسون حياتهم لجبهة المقاومة في مواجهة الشر، ليساعدوا في نشر التوحيد في العالم. لا يخشون القوة الزائفة لجبهة الشر، بل يتسلحون بإيمانهم وإرادتهم الصلبة، ويواجهون الظلم بصلابة وثبات. ومع أن الصراع بين الخير والشر مستمر منذ بدء الخليقة، فإن المعركة النهائية قد بدأت منذ زمن طويل، وهي الآن في مراحلها الأخيرة.

إن العالم على أعتاب ميلاد جديد، ونحن نعيش في اللحظات الأخيرة قبل بزوغ نور الفجر. السهم الأخير لجبهة المقاومة قد أصاب قلب الشر، المتمثل في الصهيونية، معلناً قرب نهاية عهد الظلم. بهذا النصر، يثبت الإنسان استعداده لتقبل القيادة الإلهية للإمام المنتظر، والاستفادة من تربيتِه لتأسيس حياة جديدة.

في هذه اللحظات الحرجة، تسعى جبهتا الخير والشر إلى استقطاب المزيد من الأتباع، و يضع تسارع الأحداث ووضوح الخيارات كل إنسان أمام قراره الأخير: هل ينضم إلى صفوف الأحرار الذين رأوا الحق، لم يصمتوا أمام الظلم، بل نزلوا إلى الساحة ليبنوا أنفسهم ويزيلوا العقبات أمام ظهور الإمام؟ أم يكون من المنغمسين في الدنيا، الذين شاهدوا الشر ولم يبالوا، وضلوا عن الطريق، غارقين في شهواتهم؟

ها قد اقترب الصراع بين الخير والشر من نهايته، والاختيار بين الجبهتين بات حتمياً. في أي جبهة نقف نحن؟

 

[1] الحجر: 40-39

[2] .  الاسراء: 64

[3] الحجر: 38 / ص: 81

[4] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار الجامعة لدرر الأخبار الأئمة الأطهار، بيروت، ج 52، ص 376، ح 178 / الطبري الآملی، محمد بن جرير، دلائل الإمامة، قم، مؤسسة البعثة قسم الدراسات الإسلامية، 1413 قمري، ص 453

المشارکة

مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *