كان مطلع شهر المحرّم أفضل فرصةٍ لانطلاقةٍ جديدةٍ لحملة «من هو الإمام المهدي؟»، إذ خضنا خلالها أحد عشر يومًا من العمل المتواصل، نجمع فيها بين نور النهج الحسيني وعبق المعارف المهدويّة. كانت غايتنا الأسمى أن نروي القلوب بمعارف الإمام المنتظَر، لتتّصل الهداية بالحركة، ويجتمع حبّ الحسين بشوق الظهور.
نُصبت أجنحة الحملة لتقديم الخدمات المجانية في مجالاتٍ متعددة: ثقافية، تعليمية، للأطفال والناشئة، إرشادٍ أسريٍّ ونفسيّ، طبيةٍ وقانونيةٍ ومساندةٍ صحّية، وغيرها من الأنشطة. وأقمنا خيامنا في أقرب نقطةٍ مضيئةٍ إلى مدخل مرقد الشيخ الصدوق (رضوان الله عليه)، حيث تفيض الأرواح إقبالاً وتزدحم القلوب بالأنوار.
ومن أبرز ما لاقى رواجًا كبيرًا بين الزوّار كان لوح البطاقات المخصّص لحلّ المشكلات الفردية والأسرية؛ ذلك الجدار الذي امتدت نحوه الأيدي الملهوفة طلبًا للأمل، فأثمر مشهدًا بديعًا وترك في ذاكرة الحملة صورًا مفعمةً بالرضا والسكينة.
كما كان هناك لوحٌ آخر يحمل خريطة فلسطين المقيّدة بالسلاسل، تحيط بها صور شهداء القدس وأهل الأرض الزيتونية الصابرة، يجذب الأنظار ويستوقف القلوب. عنده حدّثنا الزائرين عن إنتاجاتنا الثقافية والمعرفية، وقلنا لهم: جئنا لا لنعرفكم بالإمام فحسب، بل لنتعاون معكم على معرفته معرفةً حقيقية، ولنقدّمه للعالم كما هو؛ إمام العدالة والإنسانية.
كانت كلّ خيمةٍ من خيام الحملة تؤدي دورها في خدمة الزوّار بإخلاص، ومع مرور الأيام كانت الحركة تزداد، والإقبال يتضاعف، حتى غدت ساحة الحملة تضجّ بالحياة والإيمان، وهذا وحده كان أجمل ثمرةٍ لجهدنا.
ومع اقتراب ختام المراسم، خيّم على المكان جوّ من الخشوع والحنين؛ كانت الأناشيد الحسينية تُغسل بها أحزان العشّاق، وتُنقّى بها القلوب من غبار الحزن، حتى إذا ارتفع صوتُ الخطيب، امتزجت الدموع بالفرح، واللوعة بالأمل.
وحينها، كنّا معهم نهتف من أعماق القلب:
«ما دام اسمُ الحسين على شفاهي، فالحياة كلّها ذكرٌ وولاء.»