تزامنًا مع العشرة الأولى من شهر محرم وبداية العام الهجري 1447، أطلقنا نشاط حملة “من هو الإمام المهدي” في مدينة مشهد المقدسة، في منتصف ميدان شريعتي. بدقة أكثر، كان ذلك مع شمس الظهيرة الحارّة في السادس من تموز، والحرارة اللاهبة التي كنا بالكاد نستطيع مواجهتها. لكننا، مواجهين الشمس مباشرة، كلما رأينا أحد الزوّار يختلس لحظة من الظل ليستمتع بنشاطات فريق الحملة، لم نتردّد بل توجّهنا نحوه مباشرة وبدأنا بتقديم أنفسنا وشرح أقسام الحملة المختلفة.

كانت أعلام وطننا العزيز إيران مع العلم الأسود والأحمر لمولاينا الغالي تحكي، كالعادة، رواية قومية من فارس، تروي كيف سيقضي أتباع الإمام في آخر الزمان على الاستكبار العالمي دفاعًا عن دم الحسين. وكان هذا ذاته جوهر معرفة الإمام الحقيقي. كان من الضروري أن يتعرّف الجمهور، تحت راية إمامٍ رفع رأسه على الرمح منذ قرون نتيجة قلة المعرفة بالإنسان الكامل، على محتوى معرفة الإمام ومعرفة الإنسان بطريقة تجعل مفهوم العزاء الحقيقي يغلي في دمائهم، ونحن كنا الممثلين الذين يجب أن نقدم لهم هذه المعارف النبيلة.

وأثناء تقديم الشاي والضيافة وإقامة مراسم العزاء، كنّا نقرأ للطفل والناشئة الذين هم أكثر تعطشًا للمعرفة والفهم، ونقوم بـ العرض القصصي (پرده‌خواني) لهم. من الرسم على وجوههم الطفولية إلى تلوين الصور الممزوجة بمعرفة الإمام، ومن جلسات النقاش والحوار إلى تعليم كل ما يحتاجون لمعرفته ليعيشوا في الدولة الكريمة. وكم كان التواجد معهم يملأ قلوبنا بالحنان والرحمة.

كانت أجنحة الحملة تقدم لكل زائر ما يثير اهتمامه مهما كان ذوقه: استشارات اجتماعية، خدمات شبه طبية، أقسام فنية، تقديم الكتب والكتيبات، الخياطة، وكل ما يمكن أن يجذب المنتظرين للمهدي. وأثناء عرض موقع الحملة، كنّا نعرّف الجمهور قدر المستطاع بمحتوى معرفة الصحيفة السجادية ونشرح لهم الأدعية التي أصبحت سلاحنا الأساسي في هذه الأيام.

ولم يغب عن أحاديث الزوّار مرورهم السريع على الحرب المفروضة 12 يومًا، التي حملت معها روح التضامن والتآزر لإيران القوية. كنّا نربط الحديث مع الزوار ونقول: ما حدث في إيران أثناء الحرب لم يشهد له العالم مثيل، وكانت روح الشعب، مع بداية محرم وشهر انتصار الدم على السيف، أقوى وأكثر اندفاعًا. وأكدنا لهم: هذه هي البداية فقط، فالباطل في النهاية هالك لا محالة.

بلغت حملة “من هو الإمام المهدي” التي استمرت 10 أيام في مشهد، حفل شام الغريبان أيضًا. أوقدنا الشموع تخليدًا لذكرى القادة الذين قاتلوا يومًا إلى جانب إمامهم وقدموا أرواحهم فداءً للبشرية، وتذكّرنا القادة والجنود الذين استشهدوا قبل أيام لحماية وليّهم وسفير الإمام الغائب.

انتهى عملنا، جمعنا الأجنحة، واستعدينا لربط الأنهار التي أحييناها خلال تلك الأيام العشرة، لكي لا تضيع طريقها إلى المحيط.