دراسة مكانة أرض فلسطين في الديانات الإبراهيمية وأهمية القضية الفلسطينية في معركة الحق والباطل
فلسطين، هذه الأرض التي امتزج اسمها بالتاريخ والدين والنضال، قد أصبحت هذه الأيام، أكثر من أيِّ وقت مضى، وفوق المسائل السياسية والجغرافية، قضية إنسانية تدمي قلوب الأحرار في العالم. لقد كانت هذه الأرض دائمًا محطَّ أنظار، ومفتاحًا لفهم أحداث آخر الزمان والمواجهة النهائية بين الحقِّ والباطل. ولكن، ما هي أسباب أهمية القضية الفلسطينية؟
لماذا تحتل فلسطين هذه المكانة الرفيعة والحساسة في الأديان الإبراهيمية؟
ولماذا يلتفّ هذا القدر الهائل من الاهتمام والصراع حول هذا المحور؟
يكمن أحد الأسباب الرئيسية لأهمية أرض فلسطين في المسائل الدينية والعقائدية. فالقدس مدينة مقدسة لأتباع الديانات الإبراهيمية الثلاث، ولطالما كانت بؤرة اهتمامهم. يعتبرها اليهود موقع هيكل سليمان ومركز تاريخهم. ويُجلّها المسيحيون لما لبيت المقدس من أهمية في حياة السيد المسيح عليه السلام، ويعدّونها مكانًا مقدسًا. أما المسلمون، فيرون في بيت المقدس قبلتهم الأولى وثالث أقدس مدنهم.
ورغم هذه المشتركات الدينية، فإنها كانت وما زالت ساحة للصراعات الدامية. هذه الصراعات ليست في جوهرها دينية فقط، بل تعود في الأساس إلى الطمع الاستعماري الذي تمثله الصهيونية العالمية ومن تبعهم من قوى الباطل، الذين يستغلون الخلافات الدينية كأداة لتحقيق مآربهم الخبيثة والخفية. من بين المشاريع التي لطالما سعى إليها الصهاينة، إعادة بناء الهيكل المزعوم، مما يطرح سؤالًا جوهريًا: لماذا يسعون لإعادة بنائه بعد كل هذه القرون؟ هل هي مسألة تاريخية فقط أم أن هناك أهدافًا خفية وراء هذا المشروع؟ وما العلاقة بين قضية فلسطين وهذا المخطط؟
تحتل فلسطين مكانة محورية في الروايات المتعلقة بآخر الزمان. وقد وصف قائد الثورة الإسلامية في إيران قضية فلسطين بأنها المفتاح السرّي المعقد لانفراج أزمة الأمة الإسلامية؛ وهذا القول يحمل عمقًا كبيرًا ويتطلب تحليلًا دقيقًا. فلماذا تُعدّ قضية فلسطين المفتاح السرّي للتحرر والفرج؟ وعلامَ يدلّ هذا القول؟ وعن أي أسرار يكشف؟
في هذه المقالة، ومن خلال استعراض أهمية قضية فلسطين بالنسبة للأديان الإبراهيمية وارتباطها بمفهومي تابوت العهد وهيكل سليمان، سنتناول دورها في المعركة النهائية بين الحق والباطل.
أهمية فلسطين في الأديان الإبراهيمية
تحظى أرض فلسطين بأهمية بالغة في الأديان الإبراهيمية، وقد كانت على الدوام محط أنظار أتباع هذه الديانات. أشرنا في دراستنا لتاريخ الأرض المقدسة إلى أسباب هذه الأهمية بالنسبة لمختلف الأديان. وبالنظر إلى الصلة بين قضية فلسطين وبروزها ودورها في ظهور المنقذ في آخر الزمان، فإننا نعيد تناول الموضوع من هذا المنظور.
إن أرض فلسطين هي موطن الأنبياء الكرام، ومهد ظهور الديانات التوحيدية، والقلب النابض للمقاومة. فقد عاش في هذه الأرض العديد من رسل الله، من بينهم النبي إبراهيم، والنبي موسى، والنبي داود، والنبي سليمان، والنبي عيسى (عليهم السلام)، وقد بلّغوا رسالة الله إلى الناس من هذه البقعة المباركة.
لقد كانت فلسطين، على مرّ العصور، مسرحًا لتصادم قوى الحق والباطل؛ فمن جهة، جاهد الأنبياء والأولياء في هذه الأرض لإقامة التوحيد والعدل، واليوم يناضل المسلمون والأحرار في العالم لتحريرها؛ ومن جهة أخرى، کان ولايزال الظالمون والمستكبرون، كالصهاينة وحلفائهم، يسعون إلى الهيمنة على هذه الأرض واحتلالها واستعمارها.
أهمية فلسطين في المنظور اليهودي
تكتسي قضية فلسطين أهمية خاصة بين اليهود. فهم يعتبرون فلسطين “الأرض الموعودة”، مستندين في ذلك إلى اعتقادهم بأن الربّ قد وعد بها النبي إبراهيم (عليه السلام) ونسله من بعده.[1] يضرب هذا الاعتقاد بجذوره في العهد القديم، ويُعدّ من الركائز الأساسية في العقيدة اليهودية. ووفقًا لمعتقداتهم، فإن فلسطين والقدس تحديدًا هما موقع هيكل سليمان ومركز القوة السياسية والدينية لليهود في سالف العصر. وتمثل إعادة بناء هيكل سليمان حلمًا قديمًا يراود مخيلة الكثير من اليهود، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بمعتقداتهم الأخروية. إذ يؤمن اليهود بضرورة إعادة بناء الهيكل ليسبق ظهور “منقذ اليهود“. وقد اتخذ الصهاينة من هذه المعتقدات المقدسة ذريعةً لاحتلال فلسطين وانتهاك حقوق شعبها المظلوم.
أهمية فلسطين في المنظور المسيحي
تحتل فلسطين مكانة خاصة في نظر المسيحيين؛ فهي الأرض التي شهدت حياة ونشاط النبي عيسى المسيح (عليه السلام)، ووفقًا للمعتقد المسيحي، فإن العديد من الأحداث الهامة في حياته، بما في ذلك ميلاده وصلبه وقيامته، وقعت على هذه الأرض المباركة.
تضم فلسطين العديد من الأماكن المقدسة للمسيحيين، مثل كنيسة المهد في بيت لحم، وكنيسة القيامة في القدس، وغيرها من المواقع المرتبطة بحياة ونبوة المسيح (عليه السلام). يعتبر المسيحيون فلسطين أرضًا مقدسة ومزارًا دينيًا، ويسعى الكثيرون منهم لزيارة هذه الأرض والتبرك بأماكنها المقدسة. ويرى بعض المسيحيين، وخاصة المسيحيين الصهاينة، أن قضية فلسطين ستلعب دورًا محوريًا في أحداث آخر الزمان والعودة الثانية للمسيح (عليه السلام). ومما يؤسف له أن هذا الاعتقاد قد استُغل كأداة لدعم السياسات الصهيونية.
أهمية فلسطين في المنظور الإسلامي
تحظى فلسطين، وخاصة مدينة القدس والمسجد الأقصى، بأهمية بالغة لدى المسلمين، فهم يعتبرونها قلب الأمة الإسلامية النابض. وقد كانت بيت المقدس القبلة الأولى للمسلمين، حيث كان النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمون في بداية الدعوة يتوجهون نحوها في صلاتهم. ويُعدّ المسجد الأقصى ثالث أقدس المساجد في الإسلام بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي. واستنادًا إلى اعتقاد المسلمين، فإن هذا المسجد هو مكان معراج النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويتمتع بأهمية روحية عظيمة. كما يمثل هذا المسجد رمزًا لوحدة المسلمين في مواجهة الاستكبار والكيان الصهيوني؛ فهم يرون في احتلال فلسطين والاعتداء على المسجد الأقصى إهانة لمقدساتهم وتهديدًا للعالم الإسلامي بأسره.
تشير الروايات الإسلامية إلى دور فلسطين في أحداث آخر الزمان، وإلى ارتباط ظهور المُخلص الموعود بصلابة فلسطين وتحريرها. ويُنظر إلى تحرير القدس كإحدى العلامات الدالة على قرب الظهور النهائي والقيام العالمي للإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف).
إن قضية فلسطين تمثل موضوعًا إنسانيًا وسياسيًا ودينيًا وأخلاقيًا في آن واحد. ويمكن للوحدة بين أتباع الديانات الإبراهيمية، الذين يتفقون جميعًا على مبدأ التوحيد والعدل، أن تشكل سدًا منيعًا في وجه الاستكبار والظلم. وينبغي للقدس، بوصفها رمزًا لهذه الوحدة، أن تعود إلى مكانتها الأصلية وأن تصبح مكانًا آمنًا وهادئًا لجميع أتباع الديانات التوحيدية.
علاقة تابوت العهد وهيكل سليمان بقضية فلسطين:
يُعدُّ تابوت العهد وهيكل سليمان مفهومين أساسيين في تاريخ الديانة اليهودية، وهما يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بقضية فلسطين والقدس. فالقدس، بوصفها الموقع الذي بُني فيه هيكل سليمان، تكتسي أهمية قصوى لدى اليهود.
وقد مثّل تابوت العهد على مرّ التاريخ اليهودي رمزًا للقداسة والقوة. فخلال فترة تيه بني إسرائيل في الصحراء، كان هذا التابوت يتقدمهم في مسيرتهم، ويصحبهم في حروبهم. وكان اليهود يعتقدون أن هذا التابوت مصدر بركتهم ونصرهم. وفي الروايات الإسلامية، يُشار إلى هذا التابوت باسم “تابوت السكينة“، ويُذكر أنه كان يحوي طمأنينة ورحمة إلهية، وقد استخدمه أنبياء بني إسرائيل.
كان هيكل سليمان معبدًا عظيمًا شامخًا أقامه النبي سليمان(عليه السلام) في بيت المقدس، وحفظ فيه تابوت العهد. وقد مثّل هذا المعبد مكانًا للعبادة والقرابين وإقامة الشعائر الدينية لليهود. وقد أدى احتلال الكيان الصهيوني لفلسطين وبيت المقدس إلى تحويل مفهومي تابوت العهد وهيكل سليمان إلى قضيتين سياسيتين ودينيتين بارزتين. ففي الواقع، لم يعد العثور على تابوت العهد وإعادة بناء هيكل سليمان مجرد مسألة أثرية أو أمنية دينية لدى اليهود، بل تحول إلى مشروع استراتيجي تقوده الصهيونية العالمية، ويهدف إلى تحقيق مآرب خبيثة. فالهدف الحقيقي للصهاينة ليس مجرد ترميم معلم تاريخي، بل تغيير موازين القوى في المنطقة، وإضعاف العالم الإسلامي، وتسريع ظهور منقذهم الموهوم، وفقًا لمعتقداتهم الباطلة.
يكتسي هيكل سليمان وإعادة بنائه أهمية بالغة لدى الصهاينة لأسباب تاريخية وسياسية ودينية ومتنوعة. فهم يدركون تمام الإدراك أن هويتهم الزائفة في فلسطين تقوم على أساطير تاريخية مختلقة. ويزعمون أن إعادة بناء هيكل سليمان من شأنها أن تعزز جذورهم التاريخية المزعومة وتضفي شرعية على ادعاءاتهم الباطلة. ويحظى مشروع إعادة بناء هيكل سليمان بتأييد قوي من قبل الصهاينة وبعض الطوائف اليهودية المتطرفة، في حين يعارضه العديد من اليهود الآخرين، معتبرين إياه خطوة سياسية وعنصرية.
لقد مثّل هيكل سليمان في التصور اليهودي مركزًا للقوة السياسية والدينية. ويسعى الصهاينة من خلال إعادة بنائه إلى ترسيخ مركزهم الديني والسياسي في المنطقة، وبالتالي إضفاء شرعية على هيمنتهم على الأراضي الإسلامية.
علاوة على ذلك، يؤمن الصهاينة بنبوءات زائفة ومختلقة حول آخر الزمان. ويعتقدون أن إعادة بناء هيكل سليمان هي إحدى علامات ظهور المسيح اليهودي المخلص وتحقيق أهدافهم العنصرية. في الواقع، فإن مشروع إعادة بناء هيكل سليمان هو مشروع شيطاني ومؤامرة صهيونية يسعى هذا الكيان إلى تحقيقها بتواطؤ ودعم من مختلف الجماعات والطوائف.
تعدّ جماعات المسيحيين الصهاينة من أبرز الحلفاء لإسرائيل في مشروع إعادة بناء هيكل سليمان. وتنشطُ هذه الجماعات بشكل أساسيّ في الولايات المتحدة الأمريكية وتستند في دعمها لهذا المشروع إلى معتقدات محرَّفة حول آخر الزمان، حيث يرون أنّ إعادة بناء الهيكل وعودة اليهود إلى أرض الميعاد جزءٌ من نبوءات الكتاب المقدس وعلامة على اقتراب نهاية العالم، ووقوع المعركة الفاصلة بين الخير والشرّ – معركة هرمجدون[2] – والظهور الثاني ليسوع المسيح (عليهِ السلام). أما الفروع المسيحية الأخرى، مثل الكاثوليك والأرثوذكس، فعادة ما تحمل وجهات نظر مختلفة تجاه هيكل سليمان. فهم يركّزون بشكل أكبر على الجوانب الروحية والرمزية لهذا الهيكل، ولا يؤمنون بالضرورة بإعادة بنائه الماديّ، بلْ ويعتبرون هذا المشروع انحرافًا عن تعاليم المسيحية.
إن نظام الهيمنة العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية يدعم مشروع إعادة بناء هيكل سليمان، لما يحققه هذا المشروع من مصالح سياسية واقتصادية لها في المنطقة. فهي تسعى إلى إضعاف العالم الإسلامي وإقامة درع أمني لإسرائيل في المنطقة.
ويمثل مشروع إعادة بناء هيكل سليمان جزءًا من المخطط الخبيث للصهيونيين للهيمنة على العالم، وأداة لتبرير ممارسات هذا الكيان اللاإنسانية. وينظر الكيان الصهيوني إلى معاركه بمنظور آخر الزمان، حتى أن نتنياهو قد اقترح عنوان “حرب القيامة”[3] لحروب إسرائيل مع فلسطين ومحور المقاومة؛ وهو اقتراح يكشف النقاب عن أهداف هذا الكيان وأفكاره الخفية.
إنّ الفتن والمؤامرات التي يدبّرها الصهاينة تنطلق من رؤيتهم العقائدية ومعتقداتهم المتعلقة بآخر الزمان وتفسيرهم للأحداث العالمية. لذلك، يتعيّن على المسلمين وسائر الأحرار في العالم أن يتصدّوا بوعي وبصيرة لهذه الفتن والمؤامرات التي يحيكها الكيان الصهيوني، مستندين في ذلك إلى معتقداتهم الدينية والأخلاقية. وتكتسب أرض فلسطين وقضيتها أهمية خاصة، باعتبارها إحدى بؤر فتن آخر الزمان ورمزًا للمواجهة النهائية بين الحق والباطل.
تحليل دور القضية الفلسطينية في المواجهة النهائية بين الحق والباطل
لا ينبغي اعتبار القضية الفلسطينية مجرد أزمة إقليمية عابرة، بل هي محور ارتكاز لكثير من التحولات العالمية. ففي أعقاب احتلال الكيان الصهيوني لفلسطين، نشأت سلسلة متصلة من الحروب والأزمات وحالات عدم الاستقرار وانعدام الأمن في المنطقة؛ وهي أزمات لم تقتصر تداعياتها على منطقة الشرق الأوسط وحدها، بل ألقت بظلالها على العالم أجمع، وجعلت قضية فلسطين قضية عالمية بامتياز. وقد كشفت هذه القضية بجلاء عن طبيعة الاستكبار العالمي ونظام الهيمنة. فالذين يواجهون قضية فلسطين لا يملكون خيارًا سوى الاصطفاف في أحد جانبي جبهة الحق أو الباطل.
لقد شهدت فلسطين منذ فجر التاريخ تقلبات جمة وصعودًا وهبوطًا، وكانت على الدوام مسرحًا لمعركة أزلية بين الحق والباطل. واليوم، بلغ هذا التقابل ذروته في صورة صراع محتدم بين الصهيونية العالمية وجبهة المقاومة، حيث تجسد فلسطين رمزية هذه المواجهة.
في أحد طرفي هذا النزال، يقف الشعب الفلسطيني بكل ما أوتي من قوة، مقاومًا الظلم والاحتلال ببسالة. وفي الطرف الآخر، يسعى معسكر الباطل بكل طاقته لقمع هذه المقاومة. هذا التقابل، الذي يُنظر إليه غالبًا كصراع سياسي، هو في حقيقته حرب عقائدية تُستباح فيها القيم الإنسانية والدينية.
وقد صرّح قائد الثورة بشأن فلسطين قائلًا: “إن قضية فلسطين هي المفتاح السرّي الغامض الذي سيفتح أبواب الفرج أمام الأمة الإسلامية.”[4] هذه المقولة تدل على الارتباط العميق لقضية فلسطين بأحداث آخر الزمان، وتعني أن الخطوة الأساسية والأولى لظهور الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وإزالة العقبات أمامه يجب أن تُخطى في فلسطين.
إنّ مقولة قائد الثورة ليست مجرد شعار سياسي عابر، بل هي حقيقة عميقة الجذور في معارفنا الإسلامية الأصيلة تكشف عن أسرار عظيمة، وتُطلعنا على الأبعاد الخفية للصراع الأزلي بين الحق والباطل، وتُجلي لنا المؤامرات الخبيثة التي يحيكها الصهاينة للهيمنة على العالم وتدمير الأديان السماوية. والتمعن في عمق هذا الكلام يقودنا إلى إدراك قضايا جوهرية، مثل الخطة الإلهية لتحرير العالم من الظلم والجور، وضرورة الوحدة والتضامن بين المسلمين، وارتباط قضية فلسطين بأحداث آخر الزمان، وإقامة حكومة العدل العالمية، والمعركة النهائية بين الحق والباطل، والدور المحوري لفلسطين في هذا النزال.
إن تحرير فلسطين يمثل مقدمة ضرورية لظهور المنقذ وإقامة حكومة العدل العالمية. فحين تتحرر فلسطين من براثن الصهاينة، ستتهيأ الأرضية لظهور الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف). وعند ظهوره، سيأتي الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وأول جنده وأنصاره من مكة إلى القدس لإقامة الصلاة، وسيلحق بهم المسيح (عليه السلام) قادمًا من دمشق. إن انتصار الشعب الفلسطيني وتحرير القدس يشكل جزءًا أصيلًا من مسيرة ظهور المنقذ وإقامة حكومة العدل العالمية، وهو جزء من الوعد الإلهي الحق. [5]
إنّ مساعي الكيان الصهيوني لتهويد القدس، وهدم المسجد الأقصى، وإعادة بناء هيكل سليمان، ليست في حقيقتها إلا محاولة لمجابهة الحق وطمس الهوية الإسلامية لهذه المدينة المقدسة. بينما يمثل دعم القدس والمسجد الأقصى دفاعًا عن الهوية والقيم الإسلامية، واستعدادًا لظهور المنقذ.
فلسطين ليست مجرد أرض، بل هي رمز ووحدة للأمة الإسلامية. واستنادًا إلى التعاليم الدينية، لن يسود السلام الحقيقي العالم الإسلامي ما دامت فلسطين تحت احتلال الغاصبين.
ويسعى الكيان الصهيوني، بدعم من قوى الاستكبار، إلى قمع مقاومة الشعب الفلسطيني والسيطرة على المنطقة. وفي المقابل، تقف جبهة المقاومة بكل قوة في وجه هذا الظلم والعدوان. وتمثل مقاومة الشعب الفلسطيني، وصموده في وجه الظلم والقهر، وسعيه للحفاظ على هويته وقيمه الدينية، علامة على الاستعداد للظهور والمواجهة النهائية لجبهة الباطل.
لقد شهد العالم بأم عينيه، خلال العام الأخير وبشكل خاص بعد عملية طوفان الأقصى، كيف استطاعت مقاومة الشعب الفلسطيني وتضحياته أن تكون مصدر إلهام لأحرار العالم، وأن تتحول إلى اختبار حقيقي للإنسانية جمعاء؛ اختبار يكشف عن موقع الأفراد، أفي صف الحق يقفون أم في معسكر الباطل؟ إن قضية فلسطين تمثل فرصة سانحة لليقظة والوعي والتضامن!
إذا أردنا أن نكون جنودًا وأعضاء في جبهة الحق، فعلينا أن نزيد من وعينا ووعي شعوبنا تجاه قضية فلسطين ومؤامرات الكيان الصهيوني، وأن ندعم مقاومة الفلسطينيين في وجه الاحتلال، وأن نتحد ونتكامل في مواجهة أعداء الإسلام، وأن نعد أنفسنا لظهور المنقذ، وأن نهيئ الأرض لإقامة حكومة العدل العالمية.
[2] Battle of Armageddon
[3] war of resurrection
[4] . خطاب سيد القائد في المؤتمر الثالث لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، الموافق للخامس عشر من شهر يناير عام ألفين وستة ميلادي (15/1/2006).
[5] وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ؛ سوره قصص، آیه 5