مقدمات تشکیل الدولة الکریمة : ما الشروط اللازمة لتحقيق هذا الوعد الإلهي؟

مقدمات تشکیل الدولة الکریمة: ما الشروط اللازمة لتحقيق الوعد الإلهي؟

مقدمات تشکیل دولة کریمة؛ دراسة شروط تحقيق هذا الوعد الإلهي

في عالم اليوم، يجد الإنسان نفسه عند مفترق طرق، حيث يبدو أن السعي نحو العدالة، والأمل، والمعنى الحقيقي للحياة، يقف عند أبوابٍ مغلقة. لقد أدّت تجارب الحروب المريرة، والأزمات الأخلاقية، واتساع الفوارق الطبقية، وسقوط الثقة العامة، إلى بلورة سؤال محوري: هل يمكن للهياكل الاجتماعية والسياسية السائدة أن تلبي فعلاً تطلعات الإنسانية؟ في هذه البيئة، بات الفشل الجماعي في تحقيق حياة مليئة بالكرامة والعدالة أزمة عالمية لم تعد تُعالج بحلول سطحية أو مؤقتة.

في ظلّ انسداد الآفاق العالمية، تبرز مسألة التمهيد لقيام الدولة الكريمة كخيار جديد ومغاير يُطرح لعبور هذه الأزمات. ولكن: هل يُعدّ طموح إقامة الدولة الكريمة مجرّد ملاذٍ خياليّ لأرواح أنهكتها خيبات التاريخ؟ أم أنّه يُمثّل فعلاً حلاً عملياً وبنيويا قابلاً للتطبيق على أوجاع الإنسان المعاصر؟

وهل يمكن انتظار هذا التحوّل من خلال موقف سلبيّ لا يتعدّى التمنّي والانتظار، أم أنّ على الإنسان تحمّل مسؤوليته في صناعة الأرضية اللازمة لظهور تلك الدولة الإلهية والمشاركة الفاعلة في التمهيد لها؟ ولماذا – بالرغم من التقدّم العلمي والتكنولوجي الهائل – ما زالت الأزمات الجذرية تهدّد مصير البشرية؟ ما العوامل التي تقف وراء عجز المنظومة العالمية عن معالجة هذه الاختلالات؟ وهل ثمة مخرج حقيقيّ من هذا الوضع القاتم؟ إنّ التمهيد لقيام الدولة الكريمة لا يقوم على شعارات عاطفية مجرّدة، بل يرتكز على مجموعة من التحوّلات الواقعية والعمليّة. فما هي هذه التحوّلات المطلوبة؟ وما دور الشعوب، والنخب، والجيل المعاصر في هذا المسار المصيري؟ والأهم من ذلك كلّه: هل يمكن بالثقة بوعد الله، بناء مشروعٍ تحوّليّ تدريجيّ يصنع انتظاراً فاعلاً يتجاوز حالة الركود والسلبية إلى أفقٍ من الحراك والبصيرة؟

يسعى هذا البحث، بمنهجيّة استشرافية وتحليلية، إلى تفكيك الأزمات المعاصرة من جذورها، والبحث المتدرّج في سُبل التمهيد للدولة الكريمة، مع تسليط الضوء على الدور الأساسي للفرد والمجتمع في صناعة هذا التحوّل التاريخي المرتقب.

H2 الأزمات والمآزق في المجتمع المعاصر

يواجه الإنسان المعاصر عاصفةً عاتيةً من الأزمات الأخلاقية، والاجتماعية، والوجودية، والتي تتجلّى مظاهرها بشكلٍ متزايد في تفاصيل الحياة اليومية. فالفساد الإداري والاقتصادي المستشري في عدد كبير من الحكومات، وشيوع الكذب وانعدام الثقة في وسائل الإعلام وحتى داخل الأُسَر، والتصاعد الملحوظ في معدلات الجريمة في المدن الكبرى، وارتفاع نسب الاكتئاب واليأس، ولا سيّما بين فئة الشباب، وتزايد موجات الهجرة بسبب الفقر أو الحروب أو انعدام العدالة، كلّها أمثلة حيّة على حالة الانهيار الأخلاقي والاجتماعي التي يعيشها العالم اليوم.

تُظهر تقارير دولية موثوقة تفاقم الفجوة الطبقية، وتنامي أزمة التشرّد بين المهاجرين، وفقدان المعنى في الحياة، واتّساع الفجوة بين الأجيال، وتراجع الثقة المتسارع في الأنظمة الحاكمة. لقد أصبح تآكل رأس المال الاجتماعي، وتفكك الكيانات الأسرية، وتفاقم أزمات ناجمة عن إساءة استخدام الفضاء الافتراضي ومواقع التواصل الاجتماعي، من أبرز ملامح المشهد الإنساني الراهن.

ورغم ما حقّقته البشرية من إنجازات علمية وتكنولوجية باهرة في هذا القرن، فإن نماذج سياسية واجتماعية مختلفة ـ سواء كانت رأسمالية، أو اشتراكية، أو قائمة على أيديولوجيات متنوعة ـ عجزت جميعًا عن بناء مجتمع مثالي يرتكز على العدالة، وكرامة الإنسان، والاستقرار الحقيقي. فالمظاهرات العارمة ضد التمييز العِرقي أو الجندري، والإضرابات الواسعة للمطالبة بالمساواة والعدالة، بل حتى الارتفاع المقلق في معدلات الانتحار وتعاطي المخدرات، كلها مؤشرات واضحة على قصور هذه البُنى عن تلبية احتياجات الإنسان المعاصر. وما زال ملايين الأطفال محرومين من حق التعليم، وما زالت الحروب والمجاعات تَفتِك بالشعوب في أكثر من رقعة من العالم، فيما يستمرّ كثير من الناس في الكفاح من أجل أدنى مقوّمات الأمن والكرامة الإنسانية.

في هذا الواقع الملبّد بالغموض، والمثقل بأزمات متكرّرة وانسدادات تاريخية، بات من الطبيعي أن تتجه أنظار الإنسان المعاصر مجدداً نحو أفق جديد يفتح باب الأمل، ومسار يُلهم الخلاص. وهذا الأفق لا يمكن تصوّره إلا من خلال مراجعة جذرية للمنظومات الفكرية السائدة، وإعادة بناء مقاربات التحرّر على أساسٍ من القيم الإلهية والفطرية، تمهيداً لقيام الدولة الكريمة. إن التجارب العالمية التي أثبتت عجزها عن تحقيق الكرامة والعدالة والمعنوية، تؤكد الحاجة الملحّة لتأسيس مجتمع بديل ينبثق من جوهر الإنسان وفطرته الإلهية، لا من هيمنة المصالح أو الأيديولوجيات المادية. وعليه، فإن التمهيد لقيام الدولة الكريمة لم يعد مجرّد هاجس ديني أو مطلب عقائدي، بل تحوّل إلى ضرورة إنسانية وتاريخية شاملة، تمثل استجابة عميقة لتوق الإنسان إلى عالم تسوده العدالة، وتُصان فيه الكرامة، ويُبعث فيه معنى الحياة من جديد.

H2 المطالبة الغائبة: لماذا لم تتحوّل الدولة الكريمة إلى مطلب شعبي؟

من أبرز التحديات التي تعترض طريق تحقق الوعود الإلهيّة، وتجاوز أزمات عالمية معاصرة، غياب المطالبة الجماعية الواعية بإقامة الدولة الكريمة. فعلى الرغم من أنّ البشرية عبر العصور طالبت وبإلحاح بمفاهيم كبرى مثل العدالة والحرية والرفاه، وكانت هذه المطالب وقودًا لحركات اجتماعية وتاريخية كبرى، إلا أنّنا نكاد لا نلحظ أي حركة شعبية أو نُخبوية تطالب جديًّا بظهور دولة الكريمة في المجتمعات الإسلامية. لفهم هذا الغياب، ينبغي تفكيك جذوره على مستويات متعددة:

  • أولًا: التصوّر المشوّش أو الغائب للدولة الكريمة

إن قطاعًا واسعًا من الناس، حتى في البيئات المتديّنة، لا يمتلك فهمًا دقيقًا لطبيعة الدولة الكريمة وأهدافها، أو أنه ينظر إليها باعتبارها وعدًا غيبيًّا مستقبليًّا في آخر الزمان ولا صلة له بالحاضر، أو حدثًا قدريًّا لا يتأثر بوعي الإنسان وجهده. وبالتالي، فهي لا تُعامَل كمشروع حضاري يمكن المطالبة به، ولا تجد صدى في الحوارات الاجتماعية والسياسية اليومية.

  • ثانيًا: أزمة نسيان الذات

أعمق من ذلك، تكمن المشكلة في أزمة وجودية يعيشها الإنسان المعاصر، حيث تغيب عنه معرفة ذاته الحقيقية، ويضعف إدراكه لموقعه في خريطة الوجود ورسالته فيه. ومن الطبيعي أن لا يطالب الإنسان بمجتمع يليق بهويته الإلهية، ما دام لم يُدرك بعد تلك الهوية. فمتى ما اختُزلت تطلعات الإنسان إلى حاجاته المادية أو انشغالاته الدنيوية، غاب عنه الشعور بضرورة بناء دولة تُجسّد كرامته ومعناه.

في الحقيقة، لا يصبح السعي لإقامة الدولة الكريمة مطلبًا جادًّا وواعيًا، إلا حين يدرك الإنسان، عبر بوّابة معرفة النفس، العلاقة العميقة التي تربط بين هويّته الفرديّة ومصير المجتمع، ودوره المحوري في التمهيد لظهور الحجة(عجل الله فرجه). فالتقصير في الاستعداد لقيام الدولة الكريمة، إنّما يعكس غفلةً عن حقيقة الإنسان ورسالة وجوده في هذا العالم.

من جهة أخرى، يعود جزء كبير من هذه اللامبالاة إلى ضعف ارتباط الأفراد بالإيمان والهوية. فحتى وإن عبّر الناس عن دعائهم لقيام «الدولة الكريمة» بشكل ظاهري، فإن المطالبة الحقيقية لا تتحقق إلا عندما يصبح هذا الهدف جزءًا لا يتجزأ من حياتهم وهويتهم. وفي غياب هذا الاندماج العميق، لا يكون المجتمع مستعدًا لتحمّل التكاليف، أو قبول المسؤولية، أو بذل الجهود الجادة لتهيئة أسباب قيام تلك الدولة.

كما تلعب وسائل الإعلام دورًا كبيرًا في تعميق هذه الحالة، إذ أن جزءًا ملحوظًا من محتواها—سواء في الإعلام التقليدي، أو شبكات التواصل الاجتماعي، أو حتى في المواد الترفيهية والتعليمية—لا يسلط الضوء على هموم الموعود، بل أحيانًا يقلل مستوى المفاهيم وينشر الإحباط الجماعي، مما يقلل من روح التساؤل والتطلع نحو المستقبل.

وفي المقابل، تنتشر صور نمطية سطحية، وأحيانًا مقصودة، تقدم الدولة الكريمة على أنها حكومة آخر الزمان ذات توجهات عنيفة أو انتقامية، أو مجرد مجموعة من معجزات وأحداث خارقة يصعب إدراكها. هذه التصورات المبسطة والمغلوطة تبعد الناس عن الفهم العميق لفكرة الموعود، وعن الدور الحيوي الذي يجب على كل فرد أن يلعبه في تأسيس مقدمات قيام الدولة الكريمة.

لإحياء روح المطالبة بالعدالة وتعزيز خطابها الروحي والاجتماعي، يجب إعادة صياغة مفهوم الهوية الدينية والإنسانية بعمق؛ إذ لا يتحقق العدل الكامل إلا بإرادة جماعية جادة وفعّالة من الجميع، سواء من الشعوب أو النخب. ومن الثابت أن غياب هذه المطالبة الحيوية سيعيق بأي شكلٍ من الأشكال التقدم العملي نحو تأسيس الدولة الكريمة، وستبقى تلك الرؤية المأمولة محصورة على هامش الاهتمامات الاجتماعية والشخصية.

H2 العقبات الذهنية والهيكلية في مسار تحقيق الدولة الكريمة

إنّ تحقيق أماني الظهور يتطلب تجاوز عقبات عميقة، سواء على صعيد ذهني أو بنيوي، فبدون إزالة هذه الموانع، يصعب المضي قدمًا في هذا الطريق. من أبرز هذه العقبات، نسيان الذات وغفلة الإنسان المعاصر عن هدف الخلق وعمق معنى الحياة. ففي عالم تهيمن عليه صراعات الرفاهية المادية، والترفيه السطحي، والبحث عن الشهرة، والانشغال بالتطورات اللحظية، ضاع على كثيرين الوقت والرغبة في التأمل في جوهر وجودهم ورسالتهم الحقيقية. هذا النسيان الذاتي يحاصر الإنسان في هموم وتفاصيل دنيوية صغيرة، حتى يصبح سؤال “ما هو غرض حياتي؟ وما دوري في مستقبل البشرية؟” سؤالًا هامشيًا لا يحتل مكانًا في وعيه. ومن هنا، يتضح أن رفع هذه العقبة أساسي لبدء حركة جماعية جادة نحو تأسيس الدولة الكريمة.

إلى جانب هذا العائق المهم، تتضافر تحديات ثقافية ونفسية جماعية تزيد الأمر تعقيدًا. فقد اعتاد الناس اليوم على الوضع الراهن، وبرزت حالة من الشك والريبة الداخلية تجاه إمكانية إحداث تغيير جذري، سواء على المستوى الفردي أو الاجتماعي أو حتى في أمة الإسلام. هذه الحالة من فقدان الثقة تدفع الكثيرين إلى الاعتقاد باستحالة تحولات كبرى، أو تأجيلها إلى آفاق بعيدة يصعب بلوغها. ويمكن رؤية انعكاسات هذه الظاهرة في ردود الفعل المتباينة تجاه حركات إصلاحية ودعوات أخلاقية، حيث تواجه شعارات العودة إلى القيم الأصيلة أو بناء مجتمع مثالي، بالتشكيك والسخرية أو التجاهل. وتغذي النزعة النسبية الأخلاقية المتفشية بيننا هذا الشك، إذ حينما تُرفض القيم المطلقة للعدالة والروحانية، يضمحل الدافع لبناء مستقبل مختلف يهيئ لقيام الدولة الكريمة.

علاوة على ذلك، يعاني الكثيرون من نقص معرفي حاد وأزمة في تحمل المسؤولية. حيث يركز التعليم الرسمي وغير الرسمي في الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام على مهارات تقنية ومنافسة فردية، متجاهلًا تعميق البنية المعرفية والروحية التي يحتاجها الإنسان ليعي هويته الرفيعة ويشعر بمسؤوليته في تحقيق العدالة الكونية. هذا النقص في الوعي يجعل الأفراد يلقون عبء التغيير على عاتق الآخرين—سواء كانوا حكومات أو قادة أو قوى غيبية—مغفلين دورهم الفاعل في هذا المسار.

إنّ بقاء هذه العقبات الذهنية والبنيوية دون معالجة يحول دون تحقيق المبادئ والمتطلبات الضرورية لتمهيد قيام الدولة الكريمة، ويبقي المجتمع غارقًا في دوامة الروتين، واللامبالاة، ونسيان الهدف الأسمى.

معرفة النفس وإعادة تعريف هدف الحياة

لتحقيق النقلة الحضارية وبناء المجتمع العادل الذي تنشده الرسالات الإلهية، لا بد من الشروع من نقطة البدء الأصيلة: “العودة إلى الذات واكتشاف سرّ الوجود“. هذا هو الأصل الذي أجمع عليه الوحي والتجربة الإنسانية؛ فـ”معرفة النفس” ليست ترفًا فكريًّا، بل هي المفتاح الأعظم لكل نهوض فردي وجماعي. ذلك لأنّ الإنسان ما لم يعرف نفسه، وسبب خلقه، لا يمكنه أن يُدرك اتجاهه في الحياة أو يحدّد موقعه في مشروع التغيير وإرساء مجتمع قائم على العدل، بل سيفقد حتى معنى أعمال إيجابية.

في عالم اليوم، يعيش كثير من الناس، وخاصة فئة الشباب، حالة من التيه والهشاشة الهوياتية، نتيجة طوفان المعلومات وضغوط توقعات اجتماعية. لقد تراجعت الأسئلة الوجودية الكبرى، مثل: “ما معنى الحياة؟” و”لماذا أعيش؟”، لتحلّ محلها مشاغل يومية، ومنافسات فردية، وانشغالات افتراضية لا تنتهي. هذه الحالة من الغفلة الجماعية تُعدّ من أخطر العوائق أمام قيام المجتمع القائم على العدل الإلهي والدولة الكريمة؛ لأنّ من لا يعرف قيمته ودوره، لا يمكن أن يشعر بمسؤولية تجاه مصير الإنسانية أو يساهم في بناء مستقبل  مبني على العدل.

إنّ السبيل إلى تجاوز هذا الانسداد التاريخي، هو إعادة اكتشاف الهوية الإنسانية وتعريف الغاية من الحياة من جديد. ينبغي أن ينهض كل فرد ليتحوّل من متفرّج سلبي إلى فاعل واعٍ. فلطالما أثبتت التجارب — سواء في التاريخ الإسلامي أو في حركات إصلاحية حديثة — أن التحوّلات الكبرى تبدأ من لحظة وعي فردية. يكفي أن يدرك الإنسان،مهما كانت ظروفه صعبة، معنى وجوده و هدف خلقه وحقيقة دوره في الحياة، حتى تتغيّر أولوياته وتتبدّل مواقفه، بل يتغيّر مجرى حياة أمّة بأكملها. من النماذج المضيئة في هذا السياق:

عودة شباب من الغرب إلى الإيمان والعدالة، ونهوض حركات التحرّر من العنصرية، والثورة الإسلامية الإيرانية التي أعادت للإنسان قيمته ورسالته… في كلّ هذه التحوّلات، كانت البداية وعيًا ذاتيًّا وسؤالًا صادقًا:  “اكتشاف الهوية الحقيقية وتحمّل المسؤولية الإنسانية”.

بناءً عليه، فإنّ تحقيق المشروع الإلهي في الأرض وإقامة الدولة الكريمة لن يتمّ إلا من خلال إطلاق مسار معرفة النفس على صعيد فردي وجماعي، يُعيد تعريف الإنسان بنفسه، ويوقظه من غفلته، ويدفعه نحو تحمّل مسؤولية مصيره ومصير أمّته. فبدون هذه النقلة الفكرية المعرفية و في غياب إعادة تعريف هدف الحياة وتجربة فاعلية اجتماعية ذات معنى، سيظلّ تحقيق “الدولة الكريمة” مجرّد أمنية معلّقة ولن يتحوّل إلى واقع و مطلب شعبي ملحّ، إلا حين يُطالب به الوعي الجمعي، ويستعد المجتمع للتغيير والتضحية من أجله.

التمهيد الواقعي لبناء الدولة الكريمة: من الشعارات إلى الممارسة

علّمتنا التجارب التاريخية أنّ التحوّلات الكبرى لا تصنعها شعارات رنانة، ولا تُنجزها أمنيات مجردة. فقيام مجتمع العدالة الإلهية، وتحقّق الدولة الكريمة، لا يكون إلا بالخروج من دائرة القول والتنظير، والدخول الجاد في ساحة الفعل والبناء. إنّما الطريق نحو تلك الدولة ينطلق من تغيير جذري في سلوك الإنسان، وأسلوب حياته على الصعيدين الفردي والجماعي؛ هذا التغيير لا يقتصر على لحظات مفصلية أو أحداث كبرى، بل يبدأ من تفاصيل اليوم العادي، ويتسلسل ليشمل البنى الثقافية والاجتماعية للأمة.

  • أولًا: على المستوى الفردي

الخطوة الأولى والأهم في مسار إقامة الدولة الكريمة، هي السعي إلى إعادة بناء إنسان جديد عبر تربية النفس العميقة. المنتظِر الحقيقي للدولة الكريمة، ليس مَن يترقّبها فقط، بل من يُربّي ذاته لتكون أهلًا لها. وهذا يعني أن يُطهّر فكره من المفاهيم المغلوطة، ويملأ قلبه بالصدق والعدل والروحانية، ويضبط سلوكه على أساس المسؤولية الأخلاقية إلى جانب التخلّص من الذنوب الظاهرة. فشرط الانضمام إلى الدولة الكريمة هو بلوغ الإنسان درجة من معرفة النفس وتهذيبها، بحيث يرى تطلعاته وسلوكه منسجمًا تمامًا مع القيم المنشودة في المجتمع الموعود.

لا تحتاج الدولة الكريمة إلى أتباعٍ ملتزمين بالشكل، بل إلى أفرادٍ تتجسّد فيهم القيم، ويعيشونها بوعي داخلي دائم، بعيدًا عن الرقابة الخارجية أو الحوافز الظرفية. فالإصلاح الفردي العميق هو أن تبلغ النفسُ درجةً من الصفاء تجعلها تعيش في حضرة الله دون انقطاع، وترى ذاتها مسؤولة أمامه في كل قرار وسلوك. إن النجاح في هذا الطريق لا يُقاس بمجرد اجتناب المعصية، بل بمدى تجذّر القيم الإلهية في أعماق الكيان البشري. فـالتحوّل الحقيقي هو أن تتحوّل القيم المنتظرة إلى جزء من الهوية الشخصية، وأن تكون العقيدة دافعًا ذاتيًا لا مجرد التزام خارجي.

بهذا المعنى، فإنّ التمهيد للدولة الكريمة يبدأ من التنمية الذاتية الهادفة المتّصلة بالإيمان وصناعة الشخصية المؤمنة الرسالية المؤهلة بالدولة الكريمة في التفكير والقلب والعمل لا في الالتزام الظاهري فقط. هذه هي نقطة الانطلاق الحقيقية نحو بناء الدولة الكريمة.

  • ثانيًا: على مستوى الجماعي

لا يمكن بلوغ التمهيد الحقيقي للدولة الكريمة بالاكتفاء بالحركات الاجتماعية والمطالبات المدنية بالمعنى التقليدي، بل يتطلب الأمر تحوّلاً جذرياً في أسلوب حياة المجتمع برمّته، ليكون منسجماً مع معايير وقيم الدولة الموعودة. ويشمل ذلك أنماط التفكير والسلوك، والعلاقات بين الأفراد، وخياراتهم اليومية، بحيث تقترب تدريجياً كلّها من جوهر الكرامة الإنسانية، وتستبطن القيم التي يُراد لها أن تسود في ظلّ تلك الدولة.

وبما أن تصحيح العادات الضارة والموروثات الاجتماعية المنحرفة خطوة ضرورية، فإنّ الأهم هو السعي لتحويل نمط الحياة القائم إلى نمط حياة قائم على الوعي الإنساني والرؤية المهدوية. فلا يكفي مجرد المطالبة، بل لا بدّ من أن تكون هذه المطالبة نابعة من إدراك عميق لحقيقة الدولة الكريمة، ووعي صادق بضرورة تحققها. وتتخذ هذه الحركة المجتمعية أشكالاً متعددة: من المطالبة بالعدالة والشفافية والكرامة في الساحات الاجتماعية والاقتصادية، إلى المبادرات المهدوية والشعائرية كالمشاركة الواعية في مجالس الدعاء والاستغاثة بظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، والمشاركة في حملات توعية لتعزيز نمط الحياة المنتظِر، ودعم التجارب الأسرية والمجتمعية التي تسعى لتجسيد هذا النموذج واقعاً.

في هذا المسار، تبرز أهمية التوعية المجتمعية كأداة مركزية لإحداث التحول في الذهنية العامة تجاه أسلوب الحياة. فكلّ فعل يسهم في بناء هذا الوعي، سواء أكان تصحيحاً لعُرف اجتماعي خاطئ، أم حواراً مفتوحاً، أم إنتاج محتوى معرفي وتثقيفي مؤثر، يُعد جزءاً من السير الجمعي نحو الدولة الكريمة.

ويكمن جوهر هذه الحركة في تحقيق تكامل فعّال بين ثلاث فئات أساسية: النخب المفكرة، والشباب الحاملون للزخم والطاقة، والقاعدة الشعبية المنخرطة في الفعل العملي. ومن دون هذا التكامل، يستحيل بناء حركة اجتماعية مستدامة قادرة على صياغة أسلوب الحياة المهدوي. كما تُعد الحلقات المعرفية، وورش العمل الفكرية لنشر نمط الحياة المهدوي، والمبادرات الإبداعية، ومبادرات إبداعية لمعالجة القضايا الاجتماعية من رؤية الدولة الكريمة، والانخراط في الحملات الثقافية والفنية، من أبرز أدوات عملية لصياغة مجتمع يُجسّد عملياً ملامح الحياة في ظل الدولة الكريمة.

وفي الختام، فإنّ الخروج من دائرة الشعارات إلى ميادين العمل الحقيقي هو مفتاح التحوّل الجاد نحو الدولة الكريمة. وكلما كانت هذه الخطوات أكثر تجذّراً وواقعية وشمولاً، اقتربنا أكثر من تحقيق ذلك المشروع الحضاري الكبير.

مقدمات تأسيس الدولة الكريمة: الشروط الواقعية والتحقّق الفعلي

إنّ تحقّق الدولة الكريمة بوصفها الموعود الإلهي لآخر الزمان، لا يتحقق بالرغبات والتمنيات والدعاء المجرّد، بل هو مشروط بإرساء قواعد واقعية تمهّد لقيامها، وقد أشارت النصوص الدينية إلى هذه القواعد باعتبارها “مقدمات لتأسيس الدولة الكريمة”. فالوعي بهذه الشروط والعمل لتحقيقها يعدّان من أهمّ وظائف المنتظرين. إن التجربة التاريخية للأئمة المعصومين عليهم السلام تُظهر أن غياب التعاطف والولاء الحقيقي للإمام، كان من أبرز أسباب تعثّر المشاريع الإلهية وتشكيل القاعدة الدفاعية والحركية لأنصار الإمام في التاريخ. كما أنّ ضمان استمرار الحاكمية الإلهية سيكون مهددًا. فالمجتمع الذي يعاني من الانقسامات، ويغرق في المصالح الآنية والنظرة القاصرة، لا يكون مؤهلاً لتحمّل أمانة العدل الإلهي، ولا لاحتضان نظام قائم على الكرامة الإنسانية.

من جانب آخر، يشكّل أمن الإمام المهدي عليه السلام عقبة تاريخية حاسمة أمام ظهوره وتأسيس الدولة الكريمة. كما حالت التهديدات الأمنية دون تحقّق أهداف سائر الأئمة، فإن ضمان سلامة الإمام شرط أساسي لا يمكن التغاضي عنه. ولا يتحقّق ذلك إلا حين تبلغ الأمة مستوىً من الوعي والاستعداد والولاء يجعل حياة الإمام في منأى من الخطر، ويؤمّن له الأرضية اللازمة للتحرك والقيام. هذه الشروط، وفي مقدّمتها الوعي الجمعي، والتزكية الاجتماعية، وتشكيل نواة من الأنصار المخلصين المستعدّين للتضحية، لا تتحقق عفويًا، بل تستلزم جهدًا جماعيًا، طويل الأمد، من مجتمع منتظر يسعى بجدية إلى التمهيد الواقعي. والجدير بالذكر أن الولاء العاطفي لا يكفي، بل المطلوب هو ولاء للنهج، والتزام بمشروع العدالة، وقدرة على تحمّل مسؤولية بناء دولة إنسانية عالمية.

ومن الأصول الجوهرية التي يجب استحضارها، ما تؤكده الروايات، لا سيما زيارة عاشوراء، من أن الإمام المهدي عليه السلام هو “الإمام المنصور”، وأن قيامه لن يكون كسابقات الحركات الإلهية المنتهية بالشهادة أو الغياب، بل سيكون مؤيَّدًا بنصر إلهي حتمي، ويقع فقط حين تتهيأ شروط هذا النصر: وعي الأمة، وأمن الإمام، وتوفّر الأنصار، واستعداد الأرض.

وعليه، فإنّ تأسيس الدولة الكريمة مشروط بتحقّق هذه العناصر مجتمعة على نحو حقيقي وملموس. ويقع على عاتق المنتظرين أن يجعلوا من السعي لتحقيق هذه الشروط حركة دائمة، ومطلبًا واعيًا، وخطّة عمل جماعية، حتى لا تتكرّر مآسي التاريخ، ولا يتأخّر الوعد الإلهي بسبب تراخي الأمّة أو تشتّتها.

تحدّيات عصر الانتظار: الرؤى والاستراتيجيات

يُعدّ عصر الانتظار من أدقّ المراحل التي تمرّ بها الأمة، إذ يتعرّض لخطر الركود الروحي والعملي، وتسلل مشاعر اليأس والفراغ الوجودي إلى النفوس. إذا استمرّت هذه الحالة، قد تُبعد المجتمع المنتظر عن درب تحقيق الأهداف المهدوية الكبرى. ويتمثل التحدي الأعمق في تحويل مفهوم الانتظار إلى حالة من السلبية والجمود؛ حيث تنحصر همّة الناس في التمنّي والدعاء، بدل التحرك الجاد لتهيئة الأرض لقيام الدولة الكريمة.

لمواجهة هذه التحديات، تُصبح أولى الاستراتيجيات ضرورة إحياء مفهوم “الانتظار الفاعل”؛ إذ لا بد من تخليص الوعي العام من الوهم القائل بأنّ الظهور مستقبلٌ غيبيّ محض لا صلة له بإرادة المجتمع وسلوكه الجمعي. بل يجب ترسيخ هذه الحقيقة: أنّ كل سلوك فردي أو جماعي، مهما بدا بسيطًا، يمكن أن يسهم في تسريع عملية التمهيد، وأنّ كل جهد صادق يُعدّ لبنة في بناء المشروع المهدوي.

من هنا، يجب الارتقاء بحالة التطلّع الروحي والأمل الجماعي، من الأمنيات الفردية إلى إرادة جمعية واعية. ولا يتم ذلك إلا عبر مسارين متوازيين: التعليم الواعي، والمطالبة المستمرّة والمنظّمة.

وفي هذا السياق، تبرز وسائل الإعلام والمنصّات الافتراضية والرقمية كأدوات محورية يمكن أن تكون إما معوّقة أو محركة. فحين تكتظّ هذه الوسائل بالتفاهات، والشبهات، والتسلية الفارغة، فإنّها تعمّق اللامبالاة واللاجدوى. لكن حين تُسخّر في إطلاق حملات مطالبة هادفة، ونشر نماذج واقعية لحياة المنتظرين وأسلوب حياتهم، وفتح حوارات ناقدة بنّاءة، فإنّها تتحوّل إلى رافعة وعي، وقاطرة تُحرك الأمة نحو مشاركتها الفعالة في صناعة الغد وإقامة الدولة الكريمة.

إنّ التقدّم نحو بناء الدولة الكريمة لا يتحقّق بشعارات نظرية ولا بمطالبات سطحية، بل يقتضي برامجَ عملية متكاملة تتناول مختلف ميادين التنشئة والتفاعل الاجتماعي. في البيئة المدرسية، لا يكفي أن يُقدَّم مفهوم “الانتظار” مجرّد فكرة تعليمية، بل لا بد من مقاربات تربوية عميقة، عبر ورشات معرفية وجماعات نقاشية تتمحور حول معرفة النفس، وفهم قوانين الخَلْق، واستيعاب الغاية من وجود الإنسان. هذه الخطوات تُسهم في رفع منسوب الوعي لدى الناشئة، وتوجّههم نحو اكتشاف هويتهم الحقيقية وتحمل مسؤولياتهم بوصفهم شركاء فاعلين في التمهيد الواقعي للدولة الكريمة.

وفي الساحة الجامعية، ينبغي تجاوز الأسلوب التقليدي للطرح النظري والشعارات، والانتقال إلى فضاء الحوار الحقيقي، حيث يُتاح للطلاب إعادة النظر في أهدافهم الكبرى ومهماتهم المصيرية. ومن خلال ورشات تطبيقية ذات طابع تجريبي، يمكن تدريبهم على نمط حياة يعكس قيم الدولة الكريمة، سواء في البُعد الأخلاقي الشخصي، أو في بُعد التعاون الاجتماعي وتحمل المسؤولية الجماعية. ومن المهم أن تتحوّل الأنشطة الجامعية من النقاشات المجردة إلى أعمال ميدانية: في خدمة المجتمع، ومعالجة التحديات الاجتماعية، وتقديم استشارات مجانية، وإطلاق مبادرات تُعزّز قيم العدالة والكرامة في الوسط الطلابي. هنا، يصبح مفهوم “الانتظار” واقعًا معاشًا لا مجرّد فكرة مؤجلة.

أما في الفضاء الرقمي أو الافتراضي، فإن التحول المطلوب لا يتحقق بصناعة محتوى سطحي أو بتكرار الوسوم الرائجة، بل بالدخول إلى عمق التجربة الإنسانية. إنّ توثيق التحولات الذاتية، وسرد النجاحات والإخفاقات في مسيرة التغيير، وصياغة خطاب وجداني أصيل يُشرك الآخرين في همّ الإصلاح، وهو ما يصنع التأثير الحقيقي. وفي هذا السياق، يمكن تشكيل قنوات من الناشطين المؤمنين بضرورة التمهيد العملي، ليكونوا منصة حيّة للحوار والتشجيع والدعم، بعيدًا عن النمطيات والتكرار. إنّ مشاركة التجارب الملهمة، وتقديم نماذج واقعية قابلة للاحتذاء، والمساهمة في بناء هوية راسخة لدى الجيل الصاعد، تشكّل المهمة المحورية لهذا الفضاء الحديث.

في المجموع، فإنّ بناء مسار فعّال نحو الدولة الكريمة يبدأ من المدارس والجامعات، ويمرّ بالحراك الاجتماعي والمطالبات الواعية، ويبلغ أوج تأثيره حين تتشكل بيئة واقعية لتجربة نمط الحياة المهدوي. وبهذا، ننتقل من مرحلة الشعارات إلى مرحلة الفعل، ومن التنظير إلى التحوّل، ومن التمنّي إلى التمهيد الحقيقي لقيام الدولة الكريمة.

صورة المجتمع في ظل تهيئة الأرضية الحقيقية لمقدمات الدولة الكريمة

حين تُستكمل المقدمات الواقعية لقيام الدولة الكريمة، فإن صورة المجتمع ستتغير جذريًا؛ إذ لن يبقى أسيرًا للعبث، أو غارقًا في اللامعنى، أو مترنّحًا تحت وطأة الانحطاط الأخلاقي والتقاعس العملي، بل سيتحوّل إلى مجتمع ينبض بالوعي، تُضيء مسيرته غايةُ الحياة الكبرى، ويستمد أفراده الدافع من الأمل الفعّال، والتكافل الصادق، والإحساس العميق بالمسؤولية تجاه المصير المشترك.

في ظلّ هذا التحوّل، يستعيد الفرد هويته الإنسانية وبُعده الروحي، ويشعر بأنه لبنة في بناء مجتمع عادل، وأنه شريكٌ في صنع ملامح الغد. فالأمل هنا لا يُختزل في حالة وجدانية عابرة أو أُمنية مؤجلة، بل يصبح دافعًا حقيقيًا نحو التغيير، محرّكًا للضمائر نحو الالتزام، والسلوكيات نحو الإصلاح، والمجتمع نحو البناء.

المسؤولية الاجتماعية في هذا السياق، تتجاوز حدود الشعار والمثالية النظرية، لتتجلى في أدق تفاصيل الحياة اليومية: في الاختيارات، والمواقف، والعلاقات، والسلوكيات. عندها يشعر الجميع أن له سهمًا في التمهيد لتلك الدولة الموعودة، وأنّ أي جهد – مهما بدا صغيرًا – قد يكون حلقة في سلسلة تحقق الوعد الإلهي.

والسؤال المحوري هنا: “ما هو دورنا في قيام الدولة الكريمة؟” الجواب: يومنا هذا هو نقطة البداية. نحن في المرحلة التأسيسية التي تُبنى عليها صروح المستقبل. كل فكرة نؤمن بها، وكل خطوة نخطوها باتجاه العدالة والكرامة والأمل، هي لبنة في أساس تلك الدولة الإلهية. فالمبادرات الصغيرة، والمطالبات الجادّة، وتزكية السلوك الفردي والجماعي، تشكّل حركة واعية تؤثر في التاريخ بعمق.

من هنا، لا ينبغي أن يكون “الانتظار” حالة سلبية أو مجرد ترقب، بل عملاً بنّاءً، وسعيًا دؤوبًا، وبذلًا للوعي والتغيير في النفس والمجتمع، حتى تثمر الأرض وتُبصر الدولة الكريمة نورها.

 

لقد بيّنت هذه الدراسة أنّ تجاوز الأزمات الوجودية، والانهيارات الأخلاقية، وانعدام الثقة، وتآكل النماذج الحضارية، لن يكون ممكنًا من دون مطالبة حقيقية وجماعية بمجتمع تسوده القيم الإلهية. ولتحقيق ذلك، لا بد من إحياء الهوية الربانية، وترسيخ الشعور بالمسؤولية، وتربية أجيال ترى في كل لحظة من حياتها محطة إعداد وتزكية نحو اليوم الموعود.

وباختصار، فإنّ قيام الدولة الكريمة وعدٌ إلهي مشروط بصحوة الأمة، لا يتحقق إلا حين يتجاوز الناس مرحلة الشعارات، ويُقبلوا بجدية ووعي على أداء دورهم البنّاء في رسم ملامح المستقبل. فهذه الصحوة، وهذه الحركة الجماعية، هي مهدُ الأمل الكبير، وقاعدةُ المجتمع الذي طالما تطلّع إليه الأنبياء والصالحون، وهو الغاية النهائية لمسيرة الإنسان في التاريخ.

 

 

المشارکة

مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *