في بعض الأيام، وعند رؤية بعض الزوار، أفكر في نفسي: نحن سفراء الأربعين لسنا في الحقيقة سوى أدوات ووسائل للعثور على سفراء الإمام المهدي الخفيين والتعلم منهم! لقد صادفت اليوم أحد هؤلاء السفراء الخفيين. كانت ضيفتنا امرأة في منتصف العمر، تتمتع بوجه صلب وتتحدث بثبات وهدوء، وكانت هذه الصفات تخفي عنا الآلام التي عانتها طوال سنوات حياتها، خاصة بعد وفاة زوجها. قالت إنها تزوجت في سن السادسة عشرة بإصرار من عائلتها من رجل أصم، وأن اثنين من أطفالها الثلاثة وحفيديها أصمّاء أيضًا. قالت إنها طلبت الشفاء لأطفالها من الإمام، لكنه أخبرها أن سعادتهم تكمن في هذه الحياة. كانت تدير حياتها من خلال خياطة المفروشات وقيادة السيارة، لكنها كانت راضية عن حياتها، وكانت تؤمن بأن الإمام المهدي(ع) قد أنقذ حياتها وحياة أطفالها. وقد تحدثت عن دور الأب الذي قام به الإمام المهدي(ع) لأطفالها. كانت تعتبر ابنتها الصماء أكثر سعادة من ابنها السامع، وقالت إن الإمام(ع) قد وضع يده على رأسها. كانت لديها قصص وصداقات مع أهل البيت(ع)، وتحمل كل قصة منها دروسًا وعبرًا. تحدثت عن نذر حياتها للإمام(ع)، وعن أعمالها الخيرية، وعن قلقها لإنقاذ حياة الآخرين، وعن أحلامها الصالحة. شاركتنا أحد أحلامها، وقالت إنها رأت في المنام قبل وقوع عملية “طوفان الأقصى” أنه إذا لم يدع الناس لظهور الإمام، فسيتكرر ما حدث في غزة في جميع دول العالم. كانت تبكي وتدعو وتتوسل إلى نشر الدعوة للاستغاثة. تذكرت قول الشيخ الراحل سماحة السيد بهجت: “إذا كنا غير مبالين ولم ندع لرفع المحن والابتلاءات التي أصابت المؤمنين، فإن تلك المحن ستصيبنا أيضًا…”. لقد ذهبت بعد أن تحدثت معنا، لكن ظللت أفكر في هذه الأم وفي روحها العظيمة لساعات، وفي فضل أهل البيت(ع) عليها وعلى أبنائها، وهو ثمرة تفانيها لهم.

المشارکة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *