نظرة عميقة إلى خلفيات الهولوكوست وأهدافها
من أبرز السمات التي ارتبطت ببعض الجماعات اليهودية هي ادعاء التميز والتفوق على بقية الشعوب، حيث يؤمن هؤلاء بأن اليهود فقط هم البشر الحقيقيون، بينما يُنظر إلى غير اليهود ككائنات أدنى، شبيهة بالبشر في ظاهرها. وعلى مر التاريخ، في المجتمعات التي استقر فيها اليهود، اعتبر اليهود أنفسهم أعلى من سكان ذلك المجتمع، وكانوا دائمًا يسعون إلى الاستفادة من الامتيازات الخاصة. وقد أثار هذا الأمر كراهية المجتمعات المستضيفة تجاههم، مما أدى في كثير من الأحيان إلى صراعات وتوترات و عداء متبادل.
ومع ذلك، ينبغي التفريق بين أتباع الدين اليهودي الحقيقيين، الذين يلتزمون بتعاليم النبي موسى عليه السلام ويعيشون بسلام جنباً إلى جنب مع بقية الشعوب، وبين الفئة التي استغلت الدين كغطاء لتحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية. اتُّهمت هذه الفئة بالسعي إلى السيطرة العالمية من خلال استغلال موارد الدول وثرواتها، وكانت السبب في إثارة الكثير من الجدل والعداء تجاه اليهود.
إن الحديث عن الهولوكوست، بين كونه حقيقة أو ادعاء، يحمل في طياته تعقيدات تاريخية واجتماعية تستوجب بحثا عميقا لفهم جذور القضية وأبعادها. إذ لجأت هذه الفئة من اليهود، بدلاً من مواجهة أخطائهم الاجتماعية وسلوكياتهم المنحرفة، إلى قلب الحقائق التاريخية عبر التلاعب بالأحداث وإظهار أنفسهم كضحايا، واتهموا جميع الشعوب والأمم على وجه الأرض بمعاداة السامية.[1]
ولعل هذا الاتهام لو اقتصر على الادعاء فقط، لما كان يشكل أزمة كبيرة. لكن الأمر تجاوز ذلك بكثير، حيث استغل هؤلاء العنصريون أدوات الإعلام والترويج بشكل واسع، مدعومين بتمويل ضخم، لزرع فكرة مظلومية اليهود في عقول الناس حول العالم. هذه الاستراتيجية لم تتوقف عند الادعاء فقط، بل أفضت إلى تأسيس حركة خطيرة تُعرف بالصهيونية. استخدم الصهاينة، على مدار تاريخهم المليء بالعداء، هذا السلاح الدعائي لتبرير أفعالهم العدوانية ضد الشعوب الأخرى، مما تسبب في خسائر بشرية ومادية فادحة. كل ذلك بهدف ترسيخ نفوذهم وتوسيع سيطرتهم على الساحة العالمية.[2]
يكتب الباحثون في مجال تاريخ اليهود في هذا الصدد: “تاريخ كتابة اليهود يعتمد على مظلوميتهم، وهذه المظلوميات، بفضل الدعم القوي من الدعاية، كانت لها تأثير كبير على آراء العامة في العالم. تاريخ الأمم القديمة مليء بقصص الحروب والهجرات والأسر والتشرد، لكن لا توجد أمة مثل اليهود حولت هذه الأحداث إلى راية مظلوميتها. هذه المظلوميات كانت منذ البداية مزيجًا من التحريفات والمبالغات الكبيرة والمذهلة؛ حتى يمكن القول إن تاريخ أي أمة لم يُكتب بمثل هذه الأكاذيب الكبيرة والواعية[3].”
تصل مظلوميات اليهود إلى ذروتها في قصة الهولوكوست. “الهولوكوست” (Holocaust) هو مصطلح يوناني يتكون من كلمتين: “هولو” (holo) التي تعني “كامل” أو “كل”، و”كاوستوس” (kaustos) التي تعني “حرق” تُعرف أيضاً باسم شوأه (عبرية: השואה تلفظ هشوآء وتعني «الكارثة»)، وبالتالي، فإن الهولوكوست يعني “الحرق الكامل”. يدعي اليهود أنه خلال سنوات الحرب العالمية الثانية، قامت الحكومة الألمانية النازية، بناءً على أفكار هتلر المعادية لليهود ونظرته العنصرية، بخنق حوالي ستة ملايين يهودي في غرف الغاز في معسكرات أسرى الحرب الألمانية، ثم حرق جثثهم في أفران الموت. ومنذ ذلك الحين، أصبح الهولوكوست رمزًا لمعاناة الشعب اليهودي وأعمال النازيين العنيفة، إلا أن العديد من الأسئلة لا تزال مطروحة حول مدى صحة هذه الادعاءات.
إنكار الهولوكوست يعرض صاحبه للمسائلة القانونية!
دخل مصطلح “الهولوكوست” إلى الثقافة السياسية والتاريخية العالمية بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك من قبل بعض الشخصيات والمؤسسات اليهودية. وسرعان ما تحوّل هذا المصطلح إلى مفهوم حصري، بفعل الترويج المكثف والمتواصل من قِبَل الجماعات والمنظمات اليهودية عبر الأفلام والمسرحيات والمسلسلات التلفزيونية، فضلاً عن كم هائل من الروايات التي ظهرت بعد الحرب. أصبح استخدام هذا المصطلح محصوراً في قضية واحدة فقط، حتى أن المنظمات الصهيونية اليوم تؤكد أنه لا يجوز لأي شعب أو أمة استخدام هذا المصطلح للإشارة إلى أي حدث آخر. على سبيل المثال، إذا وصف مؤرخ أو كاتب مأساة القتل الجماعي الوحشي لمئات الآلاف من الأبرياء في مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين، نتيجة القصف النووي الأمريكي في أواخر الحرب العالمية الثانية، بأنها “هولوكوست”، فإنه سيتعرض فوراً للهجوم والتوبيخ من المراكز الصهيونية، وسيُتهم بأنه يسيء استخدام مصطلح “الهولوكوست” الذي يعتبرونه ملكية حصرية للشعب اليهودي.[4]
لقد استغل الإعلام الدولي، بتوجيه من هذه المراكز، رواية الإبادة المزعومة لليهود على يد النازيين، وثبّتوها في التاريخ كحقيقة لا جدال فيها. أُدرجت هذه الرواية في المناهج الدراسية وتُدرّس في المدارس والجامعات بأوروبا وأمريكا. كما أُنشئت متاحف ونُصُب تذكارية مرتبطة بهذه القضية، حيث يتم تنظيم زيارات ممنهجة لملايين الأطفال والمراهقين والشباب من الأمريكان والأوروبيين إلى تلك المواقع، بهدف ترسيخ هذه الرواية في أذهانهم. حتى في بلاد إسلامية، ظهرت آثار واضحة للترويج الغربي والصهيوني لهذه القضية. لقد أثّرت هذه الدعاية بشكل نفسي عميق، إلى درجة أن الصورة السائدة عن الحرب العالمية الثانية باتت مرتبطة بهتلر، ألمانيا النازية، ومزاعم الإبادة اليهودية فقط!
وتكفي الإشارة إلى هذه الحقيقة لفهم أهمية موضوع “الهولوكوست”: في دول أوروبا الغربية، التي تدّعي حرية التعبير، يُمنع تماماً على أي باحث أو كاتب أن يُنكر “الهولوكوست”. وإذا تجرأ أحدهم على ذلك، حتى لو قدم دلائل وبراهين، فإنه يتعرض للسجن فوراً، دون أي مبرر منطقي.
الآراء المطروحة حول الهولوكوست
توجد هناك وجهتا نظر رئيسيتان حول الهولوكوست:
أ. الرؤية التقليدية (الإبادة الجماعية – Holocaust Exterminationism)
يتبنى أنصار هذه الرؤية الاعتقاد بأن ما لا يقل عن ستة ملايين يهودي أوروبي تعرضوا للإبادة المنظمة والممنهجة خلال الحرب العالمية الثانية. وفقاً لهذه الرؤية، جرى قتل هؤلاء اليهود في غرف الغاز التابعة لمعسكرات النازيين مثل “أوشفيتز-بيركيناو”، “تريبلينكا”، “مايدانيك”، “بيرغن-بيلسن”، “بلزيك”، و”سوبير”. يُزعم أن الغاز المستخدم في عمليات القتل كان “زيكلون ب”، وأن جثث الضحايا أُحرقت في محارق خاصة لتحويلها إلى رماد.
الداعمون لهذه الرؤية هم الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، ودولة إسرائيل، والحركة الصهيونية الدولية، بما في ذلك الصهيونية اليهودية والصهيونية المسيحية.
ب. الرؤية التصحيحية (التجديدية – Holocaust Revisionism)
تأسست هذه الرؤية على يد بول راسينية، وهو سياسي بارز في الحركة الاشتراكية الفرنسية وأحد نشطاء المقاومة الفرنسية خلال احتلال ألمانيا النازية لفرنسا. تعرض راسينيه للاعتقال من قِبل “الغستابو” (الشرطة السرية النازية) وتم ترحيله إلى معسكر “بوخنفالد” بالقرب من مدينة فايمار بألمانيا، حيث ظل محتجزاً حتى نهاية الحرب.
بعد الحرب، وعند عودته إلى فرنسا، لاحظ راسينيه انتشار الدعاية المكثفة والمزاعم المبالغ فيها التي تروج لفكرة غرف الغاز وعمليات الإبادة الجماعية لليهود. بدأ بنشر شهادته وتجربته الشخصية، مؤكداً أنه لم يشهد أي غرف غاز أو عمليات قتل ممنهجة داخل المعسكر الذي احتُجز فيه.
لم يكتفِ راسينيه بشهادته الشخصية فقط، بل انخرط في دراسة علمية دقيقة لمعسكرات النازيين الأخرى، وخلص إلى نتائج مشابهة لما عاشه في “بوخنفالد”. وأصدر مجموعة من الكتب لنشر هذه الحقائق، حيث أكد ما يلي:
- أولاً: أسطورة غرف الغاز المخصصة لقتل السجناء، سواء كانوا يهوداً أو غيرهم، هي محض خيال ولا تمت للواقع بصلة.
- ثانياً: لم تكن هناك أي سياسة نازية ممنهجة لإبادة اليهود الأوروبيين خلال الحرب العالمية الثانية.
- ثالثاً: العدد الحقيقي لليهود الذين لقوا حتفهم خلال الحرب يتراوح بين 900 ألف إلى 1.5 مليون شخص، وليس ستة ملايين كما يُزعم. وهؤلاء الضحايا لم يُقتلوا جراء إبادة متعمدة، بل ماتوا مثل غيرهم بسبب ظروف الحرب وانتشار الأمراض المعدية، خاصة التيفوس.[5]
من أين جاء رقم “ستة ملايين” يهودي؟
يدّعي أنصار الهولوكوست أن هتلر ارتكب إبادة جماعية بحق ستة ملايين يهودي. ومع ذلك، تشير الوثائق التاريخية إلى أن العدد الإجمالي لليهود الذين كانوا تحت سيطرة النظام النازي خلال فترة “الرايخ الثالث” لم يتجاوز قط بين 3.5 إلى 4.5 ملايين شخص. وبالتالي، لم يكن هناك حتى ستة ملايين يهودي ليُقتلوا في عهد هتلر.
ورغم ذلك، يرفض اليهود تقبل أي رقم أقل من “ستة ملايين”، لأن تقليص الرقم سيُظهر فظائع الحلفاء، مثل الاتحاد السوفيتي، وبريطانيا، والولايات المتحدة، خلال الحرب العالمية الثانية، على أنها أكثر شناعة من الهولوكوست. حتى لو افترضنا جدلاً أن مليون يهودي قُتلوا في معسكرات الاعتقال النازية، فإن هناك أحداثاً تاريخية لا تُقارن فقط بالهولوكوست، بل تفوقها فظاعة، مثل:
- إبادة مئتي مليون من السكان الأصليين في قارة أمريكا، والتي تُعتبر أكبر إبادة جماعية في تاريخ البشرية، حيث تزداد فظاعتها كل عام مع اكتشاف مقابر جماعية جديدة.
- المجاعة المُتعمدة في أوكرانيا بين عامي 1932 و 1933، التي تسبب فيها جوزيف ستالين، وأودت بحياة سبعة ملايين أوكراني بريء.
- طرد المدنيين الألمان بعد الحرب العالمية الثانية: الذي قامت به قوات الحلفاء، وأسفر عن مقتل ملايين المدنيين الأبرياء.
- اغتصاب ملايين النساء الألمانيات: من قِبل جنود الجيش السوفيتي خلال السنوات الأولى من احتلال ألمانيا الشرقية
روجيه غارودي، الباحث والمفكر البارز في مجال دراسة الصهيونية، الذي تعرض للمحاكمة والاضطهاد بتهمة إنكار الهولوكوست، أشار في كتابه “محاكمة الحرية” إلى عدم واقعية رقم الستة ملايين، قائلاً: “حتى عام 1971 كنت أعتقد أن هذا رقم صحيح. السيد نوهام غولدمان، رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، هو أحد أصدقائي. حتى أنني كنت ضيفه في منزله في القدس. ذات يوم في باريس، أخبرني كيف تمكن من الحصول على تعويض كبير من الرئيس أدينور[6] بسبب ضحايا اليهود. قال غولدمان على مائدة الغداء، بحضور السيد أرماند كابلان: أدينور قال لي إنه لا يوجد نقاش حول عدد القتلى أو مقدار التعويض. وأضاف السيد نوهام غولدمان: أنا من حدد الرقم الرسمي بستة ملايين .”[7]
أحد أكثر الأبحاث شمولاً وموثوقية حول الهولوكوست أجراه الباحث البارز وأستاذ التاريخ في جامعة السوربون الفرنسية، روبر فوريزون. يقول: “لقد قضيت سنوات أبحث بلا جدوى عن مجرد ناجٍ واحد من المنفيين في الحرب الذي شهد غرف الغاز بعينه… كنت لأكتفي بدليل واحد، لكنني لم أجد حتى هذا الدليل.”[8]
بالطبع، لا يدّعي الباحثون المنكرون للهولوكوست، أو ما يُعرفون بـ”التجديديين”، أن اليهود لم يعانوا خلال الحرب العالمية الثانية، بل يعترفون بأن العديد من اليهود الأسرى فقدوا حياتهم بسبب الجوع أو الأمراض المنتشرة، وهو أمر مألوف يحدث لمعظم أسرى الحروب في مختلف النزاعات. ومع ذلك، يرفض التجديديون الادعاء بأن اليهود قُتلوا بشكل جماعي وممنهج بسبب انتمائهم العرقي. بل يؤكد هؤلاء الباحثون أن وفاة اليهود في معسكرات الاعتقال لم تكن بسبب عرقهم، وإنما كانت نتيجة للظروف الصعبة التي واجهها جميع الأسرى. واليوم، بات من الواضح أن ألمانيا النازية، على الرغم من كراهيتها لليهود، لم تكن لديها أي خطة ممنهجة لإبادتهم. ففي الوثائق الرسمية التي تم الاستيلاء عليها بعد هزيمة النازيين، لم يُعثر على أي دليل يشير إلى وجود قرار صادر عن القيادة العليا الألمانية يهدف إلى القضاء على اليهود. أما العبارات الواردة في الوثائق النازية، مثل “الحل النهائي” (Final Solution) و“المعاملة الخاصة” (Special Treatment)، والتي يستند إليها اليهود في دعاواهم، فلا تشير إلى الإبادة الجماعية. بل كانت هذه العبارات تعني ببساطة ترحيل اليهود من أوروبا.
كان هتلر بالفعل يكره اليهود، لكنه لم يسعَ لإبادتهم، بل أراد فقط ترحيلهم إلى أرض بعيدة عن ألمانيا وأوروبا. تجدر الإشارة إلى أن كراهية هتلر لليهود لم تكن حالة فريدة أو استثنائية، بل عكست مشاعر عامة في المجتمعات الأوروبية تجاه اليهود، والتي كان أساسها السلوكيات الانعزالية والنزعة العنصرية التي أظهرها العديد من اليهود في المجتمعات المضيفة لهم. ومع ذلك، لم تكن رغبة هتلر تتعدى نقل اليهود إلى مكان آخر، بعيداً عن أوروبا، ولم تكن لديه أي نية لارتكاب مجازر بحقهم.
الأيدي الخفية وراء اندلاع الحربين العالميتين الأولى والثانية
تشير الوثائق التاريخية إلى الدور المحوري الذي لعبه اليهود في إشعال نيران الحربين العالميتين الأولى والثانية. قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى، بدأ اليهود مساعيهم لنقل قومهم إلى أرض فلسطين. في البداية، حاولوا السيطرة على فلسطين -التي كانت آنذاك تحت حكم الدولة العثمانية- عبر طرق سلمية.
خلال الحرب العالمية الأولى، انتقلت فلسطين إلى سيطرة بريطانيا، التي دعمت تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين من خلال وعد بلفور. وبعد احتلال فلسطين، انطلقت مقاومة شعبية ضد المحتلين، حيث شهدت الفترة بين عامي 1918 و1939 عدداً من الانتفاضات الشعبية، قُتل وأُصيب خلالها الآلاف من الصهاينة. ومع ذلك، لم تتمكن الصهيونية العسكرية من تحقيق أي شرعية لها في عيون الشعوب.
فيما يتعلق بالحرب العالمية الثانية، يُشاع على نطاق واسع أن ألمانيا هي التي أشعلت فتيل الحرب، لكن الحقيقة مختلفة تماماً. فقد كانت الدوائر اليهودية والصهيونية هي التي دفعت هتلر لبدء الحرب. السبب كان واضحاً: موجة الكراهية ضد اليهود كانت قد بلغت ذروتها في أوروبا وأمريكا. ولتغيير هذا الواقع بأي ثمن، حتى لو كان على حساب أرواح ملايين الأبرياء، استُخدمت الحرب كوسيلة للتأثير على الرأي العام العالمي وتغيير المعادلة لصالحهم.
الهولوكوست، أسطورة لتبرير العدوان!
قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى، كانت ألمانيا تحت سيطرة النظام العالمي للماسونية الصهيونية، وهي هيمنة لم تتراجع بعد الحرب، بل ازدادت قوة ورسوخًا مع مرور الوقت. في تلك الفترة، أقام الماسونيون الصهاينة علاقات وثيقة مع هتلر، حيث كان العديد من الجنرالات والضباط البارزين في الجيش النازي من اليهود.
رغم كراهيته الشديدة لليهود، وجد هتلر تقاطعات مشتركة معهم. أولًا، كان كلا الطرفين يؤمن بشدة بفكرة التفوق العرقي، وهي ذريعة ملائمة لتبرير التعاون المشترك. ثانيًا، كان هتلر يسعى لطرد اليهود من أوروبا، وهو ما كان اليهود أنفسهم يتطلعون إليه، إذ كانت جهودهم منصبّة نحو الهجرة إلى “الأرض الموعودة”.
بعد الحرب العالمية الأولى، فقدت ألمانيا أجزاء كبيرة من أراضيها لصالح الدولة الجديدة، بولندا. أثار هذا الوضع في هتلر شعورًا بالهزيمة والإهانة، وكان يطمح لاستعادة تلك الأراضي. لكنه كان بحاجة إلى ذريعة لتحريك جيشه نحو هذا الهدف. في ليلة 31 أغسطس 1939، أشعلت الأيادي الخفية الشرارة المطلوبة، عندما قام ضباط يهود في الجيش البولندي بارتكاب مجازر بحق آلاف الألمان.
هذا الحادث دفع هتلر للرد، مما أدى إلى اندلاع الحرب بين ألمانيا وبولندا، التي سرعان ما تطورت إلى حرب عالمية ثانية. استغلّ الصهاينة اليهود، الذين كانوا يسعون لتحويل موجة الكراهية الشعبية الأوروبية ضدهم إلى تعاطف عالمي، هذه الحرب للترويج لمظلومية شعبهم. فاتهموا هتلر والجيش النازي بتنفيذ حملة إبادة شاملة بحقهم، وادعوا أن ستة ملايين يهودي قُتلوا أو أُحرقوا في معسكرات الاعتقال. كانت هذه الرواية أداة مثالية لكسب شرعية دولية وخلق دعم عالمي لمشروعهم في تأسيس وطن قومي لهم في فلسطين.
أصبح كل شيء جاهزاً بعد ذلك! من خلال اختلاق الأساطير واستغلال وسائل الإعلام، تمكن اليهود من تغيير المعادلة لصالحهم لفترة طويلة، ومنح وجودهم المغتصب في فلسطين شرعية زائفة. لكنهم غفلوا عن حقيقة أزلية: الحقيقة لا تبقى مخفية إلى الأبد، وأي بنيان يقوم على الكذب والظلم، لا بد أن ينهار عاجلًا أم آجلًا. تلك هي طبيعة الباطل؛ يحاول دوماً أن يرتدي ثوب الحق ويتقمص هيئته، لكنه لا يستطيع الثبات طويلاً. لأن أساس خلق السماوات والأرض قائم على الحق[9]، وفطرة الإنسان النقية تنسجم وتنجذب إلى الحق فقط. ومهما حاول الباطل، فإنه لا يملك القدرة على خداع الضمائر الحية أو الاستمرار في لعب دور الحق لفترة طويلة.
إن الحركة الصهيونية هي تجسيد كامل للباطل، ورمز واضح لحضارة الشر، وهي أحد أبرز اللاعبين على ساحة المواجهة النهائية بين الحضارات في آخر الزمان. تلك المواجهة التي ستدور بين الوحدة ضد التفرق، وبين السعي إلى الأبدية ضد المادية الزائلة، وبين الفكر التوحيدي ضد الفكر الشيطاني. في هذه المعركة، سيستخدم الشيطان كل أدواته وأساليبه، ومنها أسطورة الهولوكوست، ليواصل خداعه وتحقيق مآربه. لكن النهاية محتومة، والحق سينتصر مهما طال الزمن.
[1] نظرة جديدة على قصة الهولوكوست، أحمد دوست محمدي، فصلية السياسة، مجلة كلية الحقوق والعلوم السياسية، الدورة 42، العدد 1، ص 185
[2] نفس المصدر، ص 186
[3] عبد الله شهبازي، أثرياء اليهود والفرس، الاستعمار البريطاني وإيران، مؤسسة الدراسات والبحوث السياسية، 1377، الجزء 2، ص 51
[4] تقي بور، محمد تقي، 1339. خلف ستار الهولوكوست، طهران: مؤسسة الدراسات والبحوث السياسية، 1385
[5] البحوث الصهيونية، 1381، مجموعة مقالات، الكتاب الثاني، بإشراف محمد أحمدي، طهران؛ مركز الدراسات الفلسطينية
[6] مؤسس الحزب الديمقراطي المسيحي ومستشار ألمانيا بين عامي 1949 و1963
[7] غارودي، روجيه وجاك ورجس، 1377. محاكمة الحرية (في مهد الحرية)، ترجمة مجيد خليل زاده، أحمد نخستين وجعفر ياره. طهران، مؤسسة الفكر المعاصر
[8] فوريزون، روبر، 1381؛ غرف الغاز في الحرب العالمية الثانية؛ حقيقة أم خرافة؟ ترجمة الدكتور سيد أبو الفريد ضياء الدين. طهران، مؤسسة ضياء الفكر الثقافية والبحثية.
[9] الأحقاف، الآية 3